الخميس، 21 نوفمبر 2013

كيفية نشأة الأديان



يشترك علماء السوسيولوجي "علم الاجتماع" مع علماء الأنثروبولجيا "علم الإنسان" في البحث عن كيفية نشأة الأديان عند الإنسان، وقد سافر أغلبهم إلى مناطق نائية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وجزر المحيط الهادي لدراسة القبائل البدائية التي ما زالت معزولة عن العالم وتمارس نفس الطقوس والعادات التي مارسها أسلافهم قبل آلاف السنين يقول إيفانز-بريتشارد Evans-Pritchards (1902-1973) في كتابه Theories of Primitive Religions إن فصل الأديان البدائية عن الأديان السماوية عملية زائفة تؤدي إلى الغموض وعدم الفهم (Brian Morris, Anthropological Studies of Religion, p 5). فهو يرى أن الأديان البدائية بشعائرها وتابوهاتها المختلفة ما زالت تمثل جوهر الأديان السماوية، وسوف نستعرض هذه النقطة لاحقاً. 

أما الفيلسوف الألماني فيرباخ (1804- 1872) فيقول إن الدين يمثل مرحلة طفولة الإنسانية، والإله ما هو إلا الإنسان أو طبيعة الإنسان بعد تنقيتها وتحريرها من قيود الفرد (نفس المصدر ص 21). لماذا وكيف نشأت الأديان؟ يقول الفيلسوف البريطاني ديفيد هيوم David Hume (1711- 1776) في كتابه The Natural History of Religion (1757)، لم تنشأ الأديان عن عملية تفكير وإنما نشأت من عدم اليقين في حياة الإنسان البدائي الذي رأى تقلبات الطبيعة حوله مما أورثه الخوف على مستقبله، وبذا أعطته الأديان الثقة في المستقبل وطمأنينة البال (نفس المصدر ص 142)
. أما الفيلسوف والثيولوجي الألماني رودلف أوتو Rudolf Otto (1869- 1937) فيقول في كتابه The Idea of the Holy (1917): إن الأديان لا يمكن فهمها إلا عن طريق "المقدّس"، وهو اعتقاد لم ينتج عن تفكر وإنما عن حدس أو إيحاء نفسي ينم عن قوة غير محسوسة وفوق الطبيعة. إنه شعور بالروع والخشية من تلك القوة المجهولة (نفس المصدر والصفحة). 
ويتفق رادكلف- براون Radcliffe-Brown (1881- 1955) مع ديركايم Durkheim أنه لا فائدة من البحث عن كيفية نشأة الأديان وإنما المهم أن نرى أن المعتقدات الدينية نشأت في محاولة من الإنسان أن يعيش في مجتمعات كبيرة وغير منتظمة، ومهمة الأديان كانت تنظيم تلك المجتمعات، وبالتالي فإن المهمة الأولى للأديان هي مهمة اجتماعية (نفس المصدر ص 126). 
أما برونسلاف مالونفسكي Bronislaw Malinowski (1884-1942) فيقول إن الإنسان بطبيعته يخشى الموت ولا يريد أن يصدق أن موته يعني نهايته إلى الأبد، وهنا تأتي الأديان لتمنح الإنسان الضمانات النفسية بأن حياته سوف تستمر إلى ما لا نهاية في العالم الثاني. وبالتالي تصبح مسألة الخلود هي جوهر الأديان (ص 148). يقول فرويد (1856- 1939) في كتابهTotem and Taboo (1913) إن الدين عبارة عن وهم وخداع. ويعتبر أن الأديان طريقة غير مجدية للتعامل مع مشاكل الحياة. أما كارل ماركس (1818- 1883) فقد اعتبر أن الأديان تؤدي وظيفة مزدوجة: فهي تعوض الفقراء عن فقرهم بوعدهم بالغنى الروحي، بينما تعطي الشرعية اللازمة لطبقة الأغنياء، وبهذه الطريقة فقد ساعدت الأديان على صقل المجتمعات ذات المصالح المتباينة، وفي نفس الوقت حافظت على مصالح الطبقة المتنفذة (نفس المصدر ص 45). 
السحر هو جوهر كل الأديان: يقول الألماني ماكس ويبر Max Weber (1864- 1920) مؤسس علم الاجتماع إن أقدم وظيفة في التاريخ هي وظيفة الكاهن والساحر والشامان، وكلها تعني نفس الشيء، ويكون صاحب الوظيفة من الأشخاص الذين يتمتعون بكاريزما عالية ويستعمل النباتات التي تحتوي على مواد منشطة Narcotics لتمنحه قوة إضافية يبهر بها من حوله عندما يصل به مفعول المواد المنشطة إلى درجة النشوة والابتهاج Ecstacy. ويستعمل الساحر لغة مسجوعة وحركات خفية ليوهم مشاهديه أنه بإمكانه التحكم في المستقبل ودرء الأخطار أو إيذاء أي شخص يختاره باستعمال قوته الخفية أي التي هي فوق الطبيعة. يقول مالونفسكي إن السحر ينجح وينتشر عندما يعجز الإنسان عن التحكم في المخاطر المحيطة به عن طريق المعرفة. يكثر استعمال السحر في أوقات الحروب وفي الصيد وفي فصول الجفاف عندما يكون مصير غذاء الإنسان معتمداً على الأمطار التي تأبى أن تهطل، أو عندما يمرض إنسان وتعجز الأعشاب عن شفائه. وقتها يتجه الناس إلى الساحر. 
ينتشر السحر ويسيطر على حياة القبائل البدائية حتى في وقتنا هذا. نجد مثلاً في قبائل جزر تروبرياند Trobriand التي تقع شمال نيو جني New Guinea بالقرب من استراليا، والتي تُعرف الآن ب كريوينا Kiriwina والتي تقع تحت حكم الحكومة الاسترالية، نجد أن القبائل البدائية التي تعيش في هذه الجزر ما زال يتحكم فيها السحر والساحرات. يعتقد سكان تلك الجزر أن الساحرات نساء يأكلن الجيف ويعرفن كيف يصبحن غير مرئيات invisible. هؤلاء الساحرات يمكنهن أن يطرن في الهواء ويتحكمن في قوارب الصيادين، وغالباً ما يحطمن تلك القوارب إذا غضبن على الصيادين. حتى الموت يكون بتأثير السحر والساحرات. ولذلك عليهم إرضاء الساحر أو الساحرة بتقديم الهدايا وإطاعة أوامره يعتقد هؤلاء الناس أن الإنسان عندما يموت يمكن لروحه أن تصير شبحاً Ghost يحوم حول مسكن الشخص المتوفى وتقوم بلعب نوع من الخدع على من يقترب من ذلك المسكن، أو يمكن للروح أن تصير Baloma، يعنى روحاً تذهب إلى جزيرة توما Tuma حيث تعيش حتى تشيخ ثم تنقلب إلى جنين تحمله إحدى الساحرات إلى الجزيرة الكبيرة ثم تدخله في مهبل إحدى النساء لتحبل به. وبهذه الطريقة لا يكون للرجل أي دور في الإنجاب، وينسب الأطفال إلا الأمهات. 
وهذا عكس ما يقول به الدين الإسلامي الذي يكرّس الإنجاب كله في ماء الرجل وينكر دور المرأة في تكوين الجنين. ولذلك نجد أن القرآن يقول إن الله استخرج من ظهور المؤمنين الأوائل ذريتهم وأخذ العهد من تلك الذرية أن يؤمنوا به (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) (الآعراف 172). فالجهل بكيفية تكوين الجنين متساوية بين الأديان البدائية والأديان السماوية. في البداية كان الدين القبلي امتداداً للسحر والكهانة وكان يعتمد على الطقوس التي يعلّمها الساحر أو الكاهن للناس في قبيلته. ومع مرور الزمن أصبح الساحر هو الكاهن والنبي أو الرسول وتغير الدين من دين قبلي إلى دين سماوي. يقول ديركايم إن الدين والسحر منفصلان، ولكن فان جنب Van Gennep يقول إنهما نفس الشيء وإن السحر هو الجانب العملي للدين بينما الدين هو الجانب النظري الذي يفرض على الناس تعاليم معينة (Brian Morris p 247). وقد استمر السحر كعامل مهم في الأديان السماوية الثلاثة (اليهودية، المسيحية، والإسلام). وقد حاولت اليهودية بكل الوسائل التخلص من السحر والسحرة وأمر العهد القديم بقتل السحرة. وفي المسيحية استمر السحر لعدة قرون حتى أتى كالفن بمحاكم التفتيش وأحرق عشرات الآلاف من الساحرات واستمر حرق الساحرات حتى القرن الثامن عشر كما حدث في أمريكا في مدينة سالم. وفي الإسلام نجد أن محمداً قد زعم أن اليهود سحروه ودفنوا السحر في بئر، فأرسل علي بن أبي طالب ليستخرج السحر بعد أن أخبره جبريل بمكانه. والقرآن يتحدث عن هاروت وماروت الذين أرسلهما الله إلى بابل ليعلما الناس السحر. وأهل مكة قالوا عن محمد إنه ساحر عندما بدأ دعوته فيهم. وهذا يؤكد أن السحر والأديان من نفس الطينة. إيفان بريتشارد كان كاثوليكياً ممارساً لطقوس دينه وكان عالماً أنثروبولوجياً فذاً. قضى هذا الرجل أكثر من عام مع قبائل الزاندي والنوير في جنوب السودان، وهذه قبائل نيلية بحته لم تختلط مع أي ثقافة أخرى. وبعد أن درس إيفان بريتشارد عاداتهم وطقوسهم أصابه الهلع من أنه سوف ينتهي بتفنيد الأديان السماوية. بالنسبة للزاندي فإن الساحرة ترث السحر من أمها ويكون في جسمها مادة السحر وهي عبارة عن كيس اسود يكون في منطقة الكبد. وتُعرف الساحرة بعينيها الحمراوين. وللساحرة مساعدون من الطيور والحيوانات الليلية. وللساحرات دهان مخصوص عندما تمسحه الساحرة على جسمها تصبح غير مرئية. والزاندي والنوير يعتبرون أن كل الأمراض الخطيرة والمحن التي يتعرض لها الفرد تكون بسبب أنه أتى بفعل يتعارض مع القيم المحلية مثل الزنى وزنى المحارم والقتل، وهي أشياء تُغضب أرواح الأسلاف. وبما أن المرض ينتج من غضب أرواح الإسلاف فلا بد للمريض من أن يقدم القرابين لأرواحهم كي يُشفى من مرضه. والقرابين بالنسبة للنوير نوعان: النوع الأول يُقدم في حالات المرض والعقم والمآسي الشخصية. والنوع الأخر يُقدم بالإنابة عن القبيلة ويكون في حالات الزواج والموت وبلوغ البنت أو الصبي مرحلة التكليف. وهناك شعائر معينة يقوم بها رجل الدين عند تقديم القرابين مثل إحضار الثور إلى مكان الاجتماع وتقديم الثور إلى روح أحد الأسلاف، ثم مباركة الثور بقراءة بعض التعاويذ عليه، ثم ذبح الثور وشواء اللحم. وهذه الطقوس لا تختلف كثيراً عن طقوس تقديم القرابين إلى يهوه إله اليهود وشواء لحم الثور حتى يشم يهوه رائحة الشواء. والنوير يعتبرون تقديم القرابين للأرواح عبارة عن افتداء وخلاص للروح وكفارة وتطهير لأفراد القبيلة عما اقترفوه من آثام (Brian Morris, p 200). وهي نفس الأفكار التي تعشعش في رؤوس المسلمين عندما يذبحون الهدي في مكة أيام الحج. يعتبر النوير أن الأرض ملك الإنسان والسماء ملك الإله ويقومون بطقوس أخرى يسمونها طقوس الاستحواذ وتًقام هذه الطقوس عندما يستحوذ روح أحد الأسلاف على شخصً ما. فإذا كان الاستحواذ مؤقتاً يُشفى الشخص بعد تقديم القرابين، ولكن إذا كان الاستحواذ مستديماً فيصبح ذلك الشخص نبياً ويصبح هو الذي يستحوذ على الروح ويكون بالتالي قد امتلك قوة إضافية تمكنه من علاج المرضى والتنبؤ بالمستقبل. ومن مهام هذا النبي قيادة الغزوات ضد قبيلة الدينكا لأخذ أبقارهم. (ربما يكون محمد قد اقتبس هذه الوظيفة من النوير). الأديان البدائية تعتمد اعتماداً كلياً على الطقوس Rituals التي يقودها الكاهن أو النبي وتستلزم لباساً معيناً ودهن الجلد والشعر بأصباغ معينة. يقول روبرتسون – سميث إن الطقوس أهم عندهم من المعتقدات نفسها. وغالباً ما تصاحب الطقوس موسيقى ورقص تجعل المشاركين يصلون في بعض الأحيان إلى حالة من الانفعال يفقد فيها الشخص التحكم في عواطفه. ونرى بعض هذه الحالات في البلاد التي تنتشر فيها الصوفية الذين يصلون إلى حالة من الهستيريا الجماعية على وقع أصوات الطبول. مهمة هذه الشعائر في المقام الأول هي تقوية الانتماء إلى القبيلة أو المجموعة الدينية. عبادة الطوطم Totemism: كل القبائل البدائية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية والهنود الحمر في أمركا الشمالية لديها طواطم تقدسها كجزء وتعبير عن اعتقادهم في أرواح أسلافهم. قد يكون الطوطم عبارة عن نبات أوشجرة معينة أو حيوان . وأهم ما يميز الطوطم عن بقية الأشجار أو الحيوانات هو اللون. فمثلاً في قبيلة نديمبو Ndembu في زامبيا يتكون الطوطم عندهم من ثلاث أشجار ألوانها أحمر وأبيض وأسود. فشجرة الموداي modyi يخرج منها سائل أبيض ولذلك يعتبرونها شجرة بيضاء رغم أنها خضراء، وشجرة الموكولا mukula سائلها أحمر ولذلك تعتبر شجرة حمراء. وفي احتفالات تقديم القرابين يحدثهم زعيم القبيلة عن الأنهر الثلاثة التي تنبع من الإله الأعلى. أحد الأنهر ماؤه أحمر، والأخر ماؤه أبيض والأخير ماؤه أسود. وربما تكون هذه الأنهار هي نفسهخا التي قال العهد القديم إنها تخرج من الجنة، ووافق الإسلام اليهودية وقال إن نهر النيل والفرات يخرجان من جنة عدن. ونفس ألوان الطوطم هي ألوان الأدوية التي يخلطها معالج القبيلة medicine man. فالدواء الأبيض يدل على الصحة والعافية، بينما الأحمر يدل على الدم الذي يسيل من المريض إذا جُرح ومن البنت عندما تبلغ سن الرشد. أما الدواء الأسود فيدل على الليل والمرض وسوء الطالع. ولا بد أن تُخلط الأدوية الثلاثة بترتيب معين لا يحيد عنه المداوي. والطوطم كذلك موجود في الديانات السماوية الثلاثة رغم زعمهم أنها توحيدية. فنجد اليهود يقدسون حائط المبكي ويترنمون عنده، والمسيحيون يحملون الصليب ويركعون عنده، أما المسلمون فيطوفون حول الكعبة ويغسلونها بماء الورد ويكسونها بالحرير والديباج رغم أنها بناء من طين أقامه عبد الله بن الزبير بعد أن هدم الحجاج بن يوسف الكعبة بالمنجنيق. فلا فرق إذاً بين دين قبلي ودين سماوي. قبائل الاندمان: تقع جزر الأندمان في خليج البنغال بين الهند ونيبال، وهي جزر معزولة عن الحضارة. وقد عاش بها رادكلف – براون فترة من الزمن وكتب عن عاداتهم وديانتهم. أهم ما يميز معتقداتهم هو تقديسهم لأرواح الإسلاف التي جعلوا منها روحاً مسؤولة عن كلٍ من البحر والمطر والسماء والغابات. أما القمر والشمس والبرق والرعد فهي الآلهة بالنسبة لهم. وطقس الموت عندهم من أهم الطقوس التي يحرّمون فيها أنواعاً معينة من الطعام. وتمثل لهم الرياح حدثاً مهماً لأنهم في منطقة رياح المنسون المعروفة التي تحيق الدمار بالجزر، ولذلك جعلوا أهم أرواح الأسلاف مسؤولة عن الرياح. بليكو Biliku مسؤول عن المنسون التي تأتي من ااشمال الشرقي، بينما تاراي Taraiمسؤول عن الرياح التي تأتي من الجنوب الشرقي. وديانتهم تعتمد على الشامان (الكاهن) الذي يتصل مع الإله عن طريق الحُلم أو الدخول في حالة استحواذ عندما تسيطر عليه الأرواح ويصبح في حالة هيجان ecstasy. ونسبةً لاتصاله بالأرواح يستطيع الشامان شفاء المرضى والتخفيف من حدة الرياح الموسمية, بالنسبة للأندمان فإن العالم يتكون من ثلاث مكونات: الأرض وما عليها من حيوانات، والبحر وما فيه من أسماك وحيتان، ثم السماء وما فوق رؤوس الغابات من طيور. وعندما يبلغ الصبيان سن الرجولة عليهم أن يشتركوا في طقس العبور Ritual of Passage الذي يُحرّم فيه أكل لحم السلحفاة والأسماك. وبعد انقضاء فترة المنع يقيم السكان وليمة كبيرة يكون الطبق الرئيسي فيها هو لحم السلحفاة التي يجب أن تُذبح وهي ملقاة عن ظهرها ورأسها في اتجاه البحر. ويجب على الشاب ألا يلمس لحم السلحفاة بيده فيستعمل ملقاطاً مصنوعاً من شجرة الكركديه. ثم بعد ذلك عليهم أن يمتنعوا عن أكل لحم الخنزير وبعض الفواكه. وتنتهي هذه الفترة بوليمة من لحم الخنزير. ثم في المرحلة الأخيرة يحرمون أكل العسل لفترة ثم يبيحونه. لا تختلف هذه الطقوس كثيراً عن طقوس اليهودية والإسلام التي تُحرّم أكل لحم الخنزير وشرب الخمر، التي سوف تباح لهم فيما بعد ويسبحون في أنهارٍ منها. كل الديانات القديمة تُقدّس الطوطم وتمنع المرأة والطفل الذي لم يبلغ الحلم ولم يشترك في "طقس العبور" من لمس الطوطم. والمرأة كذلك تُمنع من تناول عدة أنواع من الطعام. وهي تقريباً نفس التابوهات التي تفرضها اليهودية وكذلك الإسلام على المرأة. أما المصحف بالنسبة للمسلمين فهو الطوطم الذي لا يمسه إلا المطهرون. الأحلام: الأحلام مثلت هاجساً كبيراً بالنسبة للإنسان البدائي، وما زالت تمثل هاجساً لشيوخ الإسلام الذين أسسوا برامجاً في الفضائيات لتفسير الأحلام. الإنسان البدائي رأي في الأحلام التي كانت تزعجه عندما يرى شبح أحد أسلافه في النوم، سؤالاً محيراً: ماهذه الأشباح؟ واقتنع أخيراً بأن كل إنسان له جسم وحياة طبيعية، وله كذلك طيف يظهر في الأحلام. يعتقد كارل جوستاف يانج Carl Gustav Jung (1875- 1961)، والذي كان طبيب أمراض نفسية قبل أن يصبح عالم اجتماع، أن أوهام الأطفال وأحلام المرضى النفسيين أغلبها تدور حول مسائل دينية، وبالتالي هو يعتقد أن الأحلام هي اللغة التي يتحدث بها إله السماء. يقول ليفي بروول Levy – Bruhl (1857- 1939) الفيلسوف الفرنسي وعالم الاجتماع إن الأحلام تُعتبر في أوربا مواضيع غير قابلة للتحقيق subjective، لكنها تختلط بالحقيقة في الشعوب البدائية. وقد رأينا كيف تمسك شيوخ الإسلام، بل نبيه، بالأحلام وكان يقول لأتباعه إنه رأى فيما يرى النائم. وهناك تشريعات كثيرة وأحكام استنبطوها من أحلام محمد أو أحلام الشيوخ أنفسهم مثل أبي الحسن الأشعري الذي كان معتزلياً ورأى النبي في المنام وطلب منه الأخير أن ينافح عن سنته، فتحول إلى سلفي. الحج: في ورقة مطولة عن الحج في كل الأديان القديمة يقول فيكتور تيرنر Victor Turner (1920- 1983): 1- تكون أضرحة الحج غالباً في مكان بعيد عن سكنى القبيلة، ويكون في غار أو جبل أو غابة 2- تُعتبر فترة الحج بمثابة تقاعد عن هموم الحياة اليومية ومشاكلها 3- في موقع الحج يُشدد الحجاج على أن الناس متساوون لا فرق بين الغني والفقير أو بين طبقة وطبقة أخرى من الناس 4- مع أن القيام بالحج يكون خياراً فردياً فهو في نفس الوقت واجب ديني وتكفير عن الذنوب 5- الأماكن التي يأتي منها الحجاج غالباً تكون أبعد كثيراً عن حدود القبيلة أو البلد التي بها المزار يعتقد تيرنر أن الحج في الديانات السماوية هو عبارة عن تكرار لطقوس العبور التي تمارسها القبائل البدائية. وإذا نظرنا للحج في الديانة الهندوسية نجد أن أكثر من ثلاثة ملايين حاج يأتون كل عام ليسبحوا ويغتسلوا في نهر الجانجيز Ganges المقدس ليرجعوا إلى قراهم كيوم ولدتهم أمهاتهم بدون أي ذنوب. وحج الهندوس لا يختلف عن حج المسيحيين إلمكسيك إلى ضريح العذراء في جوادالوب Guadalupe أو حج المسيحيين الأوربيين إلى "لورد" في فرنسا، وحج المسلمين إلى مكة ونلاحظ أنه لا يوجد فرق كبير بين محتوى ووظيفة الأديان السماوية عن رصيفتها البدائية. وكلا النوعين من الأديان له أضراره. يقول اريك فروم Eric Fromm (1900 – 1980)، طبيب نفساني وعالم اجتماع، يقول: الأديان خطر على المجتمع لأنها تقدس العادات السيئة عند الإنسان ولأنها تمنع النقد تقود إلى إفقار الذكاء, وكذلك بربطها القيم المثلى في المجتمع بالدين تجعل الأخلاق تقف على قاعدة مهزوزة. سعادة الإنسان وحريته والحقيقة نفسها في خطر لارتباطها بالدين. وهذا هو رأي فرويد في الدين كذلك. ونجد مثلاً في المسيحية يؤمن المتشددون أن المسيحي الحق يمكنه أن يمسك بالثعابين دون أن تصيبه بأذى.( 18 يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئاً مُمِيتاً لاَ يَضُرُّهُمْ وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ) (سفر مرقس، الإصحاح 16). فنرى هنا أن أي متشدد في دينه يمكن أن يعتبر نفسه من هؤلاء المؤمنين الذين تحدث عنهم المسيح وقال أنهم يمكنهم إمساك الأفاعي دون أن تؤذيهم. وفي دراسة مطولة في أمريكا عام 2000 وجد الدارسون أن 11 شخصاً من مجموع 16 من الذين يمسكون بالثعابين قد عضتهم الثعابين وكل واحد منهم يعرف شخصاً قد أمسك بثعبان عضه فمات (Ralph Hood Jr, the psychology of religion, p 29). فلولا إيمانهم الأعمى بكلام المسيح لما حاولوا القبض على الحيات ولما ماتوا. وهناك بالطبع كراهية الأخر المخالف مثل فقه الولاء والبراء في الإسلام ومثل الأميين Gentiles في اليهودية. وبالطبع نتج عن هذه الكراهية حروب دينية كثيرة أدت إلى موت الملايين بالإضافة إلى ذلك نجد مجموعات دينية مغلقة تتزاوج فيما بينها وتمنع الاختلاط بالعالم الخارجي كما يحدث في مجموعة "الأيمش" Amish في أمريكا ومجموعة ال Hutterites في داكوتا وفي كندا. تنتشر الأمراض الوراثية بكثرة في هذه المجموعات نسبة لزواج الأقارب بسبب تعاليم الدين. إله الأديان السماوية لا يختلف عن إله أو آلهة الأديان البدائية القبلية فهو نتاج وهم وتخيلات إنسانية. تقول كارن آرمسترونج Karen Armstrong التي كانت راهبة قبل أن تتخلى عن الأديان: لا شك أن بعض الصوفية وبعض أحبار اليهود سيقولون لي إن الله نتج من الخيال الخلاق ولا وجود له في أرض الواقع (A History of Religion, p 4). أما شوبنهور فقد قال إنه لا توجد حقيقة مطلقة ولا يوجد إله ولا توجد روح، فقط الموسيقى والفن يمكن أن تنقذنا (نفس المصدر ص 405). وحتى فيدور دوستيفسكي في قصته الرائعة "الأخوة كرامزوف" يصف فيها موت الإله. أما جان بول سارتر فيقول: حتى لو كان الله موجوداً لوجب علينا أن نرفضه لأن فكرة وجود الله تلغي حريتنا. (نفس المصدر ص 433). والبير كامو يقول: يجب أن يرفض الناس فكرة الله حتى يتمكنوا من إفراغ حبهم على بقية البشر. أما نتيتشه فقد أعلن قولته المشهورة بموت الإله يتضح لنا من هذا السرد أن الأديان صناعة بشرية بدأت مع المجتمعات البدائية الجاهلة واستمرت حتى الآن يرفع عصاها الشيوخ الجهلاء والحاخامات الذين غالباً لا يعرفون شيئاً غير النصوص الدينية. وضرر الأديان واضح لكل ذي عينين في وقتنا هذا.
كامل النجار
الحوار المتمدن-العدد: 4123 - 2013 / 6 / 14 - 10:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني

الأحد، 21 يوليو 2013

هناك كعبات أخرى غير كعبة مكة في الجاهلية ؟

ماذا تعرف عن الكعبة  وهل تعلم كان يوجد 21 كعبة في السعودية


21 
كعبة، من بينها "كعبة اللاّت" بالطّائف و"كعبة غطفان" و"كعبة نجران" و"كعبة شدّاد الأياديّ" و"كعبة رئام"، ولعلّ أشهرها إطلاقا "الكعبة الشّاميّة" المعروفة باسم "كعبة مكّة". وكانت العرب تهدي الذّبائح لتلك البيوت وتزورها لتطوف بها وتستقسم عندها بالأزلام في محاولة استكناه ما يخبّئه الغيب.هكذا تناثرت – في الوسط الاجتماعي البدوي في الجزيرة – جماعات البشر على هيئة قبائل متنافرة ؛ لا حكم فيها ولا سلطة إلا للعرف القبلي ، الذي يختلف بدوره باختلاف القبائل وظروفها . ومع تعدد القبائل تعددت المشيخات وكثر الشيوخ وأبطال الغزو ؛ أولئك الذين تحولوا بعد موتهم إلى أسلاف مقدسين ، وأقام لهم أخلافهم التماثيل والمحاريب ، ليلتمسوا عندهم العون كلما حزبهم أمر أو حل بهم جلل ، ومن أجل هؤلاء الصالحين السالفين ؛ أقيمت بيوت العبادة ، وشرعت طرق التقرب إلى الأرباب أو الأسلاف ( الرب لغة هو سيد الأسرة أو القبيلة وهو بعلها ) ؛ ومن ثم تعددت الأرباب بتعدد الأبطال والصالحين الراحلين ، وبتعدد الأرباب تعددت الكعبات ؛ حيث كانت الكعبة ( البناء المكعب ) هي الصيغة المعمارية المفضلة لبيوت أرباب الجاهلية ، وأحياناً أخرى كانت هذه الكعبات تقام تقديساً للأحجار الغريبة والنادرة ؛ مثل الأحجار البركانية أو النيزكية ، وكلاهما كان يغلب عليه اللون الأسود نتيجة عوامل الاحتراق ، ونظن هذا التقديس ناتجاً – إضافة لغرابة شكل الحجر – من كونه قادماً من عالم غيبي مجهول ؛ فالحجر البركاني مقذوف ناري – من باطن الأرض وما صيغ حوله من أساطير قسمته طبقات ودرجات ، واحتسبته عالماً لأرواح السالفين المقدسين – كذلك الحجر النيزكي ، وربما كان أكثر جلالاً ، لكونه كان يصل الأرض وسط مظاهرة احتفالية سماوية تخلب لب البدوي المبهور ؛ فهو يهبط بسرعة فائقة محتكا بغلاف الأرض الغازي ؛ فيشتعل مضيئا ومخلفاً وراءه ذيلاً هائلاً ، لذلك ؛ كان هول رؤيته في التصور الجاهلي دافعاً لحسبانه ساقطاً من عرش الآلهة في السماء ؛ حاملاً معه ضياء هذا المكان النوراني : ثم كان طبيعياً أن يحاط بالتكريم والتبجيل .
بقايا كعبة نجران بالمملكة السعودية
نقوش باللغة الحميرية علي أتار إحدي الكعبات بالسعودية



الصابئة هم أول من قالو لا اله الا الله وصاموا30 يوما وصلوا قبل الديانة اليهودية باكثر من الف عام و الفرس والكلدانيين – فكانوا يعدون الكعبة أحد البيوت السبعة المعظمة .وكان اليهود يحترمون الكعبة ويعبدون الله فيها على دين إبراهيم ، وكان للمسيحيين بها صور وتماثيل ، منها تمثال إبراهيم وصورة للعذراء والمسيح . كانت زوجة إسماعيل الثانية هي ابنة زعيم قبيلة جرهم مضاض بن عمرو ، وقد رزق منها اثني عشر ولداً ومات إسماعيل ودفن في المسجد الحرام في الحجر حيال الموضع الذي كان فيه الحجر الأسود ، على مقربة من قبر أمه هاجر . وبوفاته قام بالإشراف على الكعبة ابنه نابت ، ثم انفرد بالإشراف عليها بعض زعماء جرهم الذين نجحوا في التغلب على أولاد إسماعيل .وكان أول من تولى شئون الكعبة من جرهم ملكها الحارث بن مضاض ، وكان ينزل مكاناً على مشارف مكة يدعى " قيقعان " ، وكان كل من دخل مكة بتجارة أخذ ابن مضاض عشرها .. في حين كان ملك العماليق يدعى السميدع ابن هوبر ، وكان ينزل في أسفل مكة ، يستولى على أعشار التجارة التي تدخل إلى مكة من جهته ،وثار النزاع بين الملكين ، ونشب القتال فترة ثم جنحوا إلى السلم ، واتفقوا على أن يتولى العماليق الإشراف على الكعبة ، وظلوا يتولون ذلك حتى نجح الجراهمة في استعادة نفوذهم ، وظلوا يشرفون على الكعبة ثلاثمائة سنة ، وكان آخر ملوكهم الحارث بن مضاض الأصغر .  ثم طغت قبيلة جرهم وتجبرت ، وتهاونت في المهمة الكبرى الموكولة إليهم فاستولوا على أموال الكعبة ونذورها ، وأساءوا إلى الحجاج ، وتعالت أصوات الحجاج بالشكوى الاحتجاج . ونجح أولاد إسماعيل في أن يجمعوا شملهم ويوحدوا صفوفهم و نجحو في التغلب على قبيلة جرهم ، وأخرجوهم من مك

المصادر:• ابن حجر العسقلانيّ (أبو الفضل، أحمد بن عليّ): فتح الباري بشرح صحيح البخاريّ، تحقيق: محمّد فؤاد عبد الباقي ومحبّ الدذين الخطيب، دار المعرفة، بيروت 1977، 13 جزء.• ابن سعد (أبو عبد الله، محمّد بن سعد): الطّبقات الكبرى، تحقيق: محمّد زياد منصور، منشورات الجامعة الإسلاميّة، المدينة المنوّرة، 1983، 8 أجزاء.• ابن الكلبيّ (أبو المنذر، هشام بن محمّد): كتاب الأصنام، تحقيق:أحمد زكيّ، دار الكتب المصريّة، القاهرة 1965.• ابن هشام (أبو محمّد، عبد الملك بن هشام الحميريّ): السّيرة النّبويّة، تحقيق: طه عبد الرّؤوف سعد، ط 1، دار الجيل، بيروت 1991، 6 أجزاء.• الأزرقيّ (أبو الوليد، محمّد بن عبد الله): أخبار مكّة وما جاء فيها من الآثار، تحقيق رشدي الصّالح ملحس، دار الأندلس، مدريد، د.ت، جزءان.• الحميدي (محمّد بن فتّوح): الجامع بين الصّحيحين البخاري ومسلم، تحقيق: عليّ حسن البوّاب، ط 2، دار ابن حزم، بيروت 2002، 4 أجزاء.• مركز الفتاوى على شبكة إسلام ويب، الفتوى رقم 111862 بتاريخ 2008/08/26

السبت، 20 أبريل 2013

ما معني العلمانية ؟




██ دول علمانية██ دول تُعلن عن ديانة للدولة██ دول بدون معلومات واضحة


العَلمانية تعني اصطلاحاً فصل الدين والمعتقدات الدينية عن السياسة، وقد تعني أيضاً عدم قيام الحكومة أو الدولة بإجبار أي أحد على
اعتناق وتبني معتقد أو دين أو تقليد معين لأسباب ذاتية غير موضوعية،. كما تكفل الحق في عدم اعتناق دين معيّن وعدم تبني دين معيّن كدين رسمي للدولة. وبمعنى عام فإن هذا المصطلح يشير إلى الرأي القائل بأن الأنشطة البشرية والقرارات وخصوصًا السياسية منها يجب أن تكون غير خاضعة لتأثير المؤسسات الدينية.

تعود جذور العلمانية إلى الفسلفة اليونانية القديمة لفلاسفة يونانيين أمثال إبيقور، غير أنها خرجت بمفهومها الحديث خلال عصر التنوير الأوروبي على يد عدد من المفكرين أمثال توماس جيفرسون وفولتير وسواهما. ينطبق نفس المفهوم على الكون والأجرام السماوية عندما يُفسّر النظام الكوني بصورة دنيوية بحتة بعيداً عن الدين في محاولة لإيجاد تفسير للكون ومكوناته. ولا تعتبر العلمانيّة شيءًا جامدًا بل هي قابلة للتحديث والتكييف حسب ظروف الدول التي تتبناها، وتختلف حدة تطبيقها ودعمها من قبل الأحزاب أو الجمعيات الداعمة لها بين مختلف مناطق العالم. كما لا تعتبر العلمانية ذاتها ضد الدين بل تقف على الحياد منه، في الولايات المتحدة مثلاً وُجد أن العلمانية خدمت الدين من تدخل الدولة والحكومة وليس العكس.

التعريف والنشأة

العلمانية في العربية مشتقة من مفردة عَلَم وهي بدورها قادمة من اللغات السامية القريبة منها؛ أما في الإنجليزية والفرنسية فهي مشتقة من اليونانية بمعنى "العامة" أو "الشعب" وبشكل أدق عكس الإكليروس أو الطبقة الدينية الحاكمة؛ وإبان عصر النهضة بات المصطلح يشير إلى القضايا التي تهم العامة أو الشعب بعكس القضايا التي تهم خاصته. أما في اللغات السامية ففي السريانية تشير كلمة ܥܠܡܐ (نقحرة: عَلما) إلى ما هو منتمي إلى العالم أو الدنيا أي دون النظر إلى العالم الروحي أو الماورائي، وكذلك الأمر في اللغة العبرية: עולם (نقحرة: عُولَم) والبابلية وغيرهم؛ وبشكل عام لا علاقة للمصطلح بالعلوم أو سواها وإنما يشير إلى الاهتمام بالقضايا الأرضية فحسب.




وتقدم دائرة المعارف البريطانية تعريف العلمانية بكونها: "حركة اجتماعية تتجه نحو الاهتمام بالشؤون الأرضية بدلاً من الاهتمام بالشؤون الآخروية. وهي تعتبر جزءًا من النزعة الإنسانية التي سادت منذ عصر النهضة الداعية لإعلاء شأن الإنسان والأمور المرتبطة به بدلاً من إفراط الاهتمام بالعزوف عن شؤون الحياة والتأمل في الله واليوم الأخير. وقد كانت الإنجازات الثقافية البشرية المختلفة في عصر النهضة أحد أبرز منطلقاتها، فبدلاً من تحقيق غايات الإنسان من سعادة ورفاه في الحياة الآخرة، سعت العلمانية في أحد جوانبها إلى تحقيق ذلك في الحياة الحالية".

أقدم التلميحات للفكر العلماني تعود للقرن الثالث عشر في أوروبا حين دعا مارسيل البدواني في مؤلفه «المدافع عن السلام» إلى الفصل بين السلطتين الزمنية والروحية واستقلال الملك عن الكنيسة في وقت كان الصراع الديني الدينيوي بين بابوات روما وبابوات أفنيغون في جنوب فرنسا على أشده؛ ويمكن تشبيه هذا الصرع بالصراع الذي حصل بين خلفاء بغداد وخلفاء القاهرة. وبعد قرنين من الزمن، أي خلال عصر النهضة في أوروبا كتب الفيلسوف وعالم اللاهوت غيوم الأوكامي حول أهمية: "فصل الزمني عن الروحي، فكما يترتب على السلطة الدينية وعلى السلطة المدنية أن يتقيدا بالمضمار الخاص بكل منهما، فإن الإيمان والعقل ليس لهما أي شيء مشترك وعليهما أن يحترما استقلالهما الداخلي بشكل متبادل." غير أن العلمانية لن تنشأ كمذهب فكري وبشكل مطرد إلا في القرن السابع عشر، ولعلّ الفيلسوف اليهودي الملحد إسبينوزا كان أول من أشار إليها إذ قال أن الدين يحوّل قوانين الدولة إلى مجرد قوانين تأديبية. وأشار أيضًا إلى أن الدولة هي كيان متطور وتحتاج دومًا للتطوير والتحديث على عكس شريعة ثابتة موحاة. فهو يرفض اعتماد الشرائع الدينية مطلقًا مؤكدًا إن قوانين العدل الطبيعية والإخاء والحرية هي وحدها مصدر التشريع. وفي الواقع فإن إسبينوزا عاش في هولندا أكثر دول العالم حرية وانفتاحًا آنذاك ومنذ استقلالها عن إسبانيا، طوّر الهولنديون قيمًا جديدة، وحوّلوا اليهود ومختلف الأقليات إلى مواطنين بحقوق كاملة، وساهم جو الحريّة الذي ساد إلى بناء إمبراطورية تجارية مزدهرة ونشوء نظام تعليمي متطور، فنجاح الفكرة العلمانية في هولندا، وإن لم تكتسب هذا الاسم، هو ما دفع حسب رأي عدد من الباحثين ومن بينهم كارن أرمسترونغ إلى تطور الفكرة العلمانية وتبينها كإحدى صفات العالم الحديث.



الفيلسوف الإنكليزي جون لوك كتب في موضوع العلمانية: "من أجل الوصول إلى دين صحيح، ينبغي على الدولة أن تتسامح مع جميع أشكال الاعتقاد دينيًا أو فكريًا أو اجتماعيًا، ويجب أن تنشغل في الإدارة العملية وحكم المجتمع فقط، لا أن تنهك نفسها في فرض هذا الاعتقاد ومنع ذلك التصرف. يجب أن تكون الدولة منفصلة عن الكنيسة، وألا يتدخل أي منهما في شؤون الآخر. هكذا يكون العصر هو عصر العقل، ولأول مرة في التاريخ البشري سيكون الناس أحرارًا، وبالتالي قادرين على إدراك الحقيقة".

تعريف مختصر للعلمانية يمكن إيضاحه بالتصريح التالي لثالث رؤساء الولايات المتحدة الإمريكية توماس جيفرسون، إذ صرّح: "إن الإكراه في مسائل الدين أو السلوك الاجتماعي هو خطيئة واستبداد، وإن الحقيقة تسود إذا ما سمح للناس بالاحتفاظ بآرائهم وحرية تصرفاتهم". تصريح جيفرسون جاء لوسائل الإعلام بعد أن استعمل حق النقض عام 1786 ضد اعتماد ولاية فيرجينيا للكنيسة الأنجليكانية كدين رسمي، وقد أصبح الأمر مكفولاً بقوة الدستور عام 1789 حين فصل الدين عن الدولة رسميًا فيما دعي «إعلان الحقوق». ويفسر عدد من النقاد ذلك بأن الأمم الحديثة لا يمكن أن تبني هويتها على أي من الخيارات الطائفية، أو تفضيل الشريحة الغالبة من رعاياها سواءً في التشريع أو في المناصب القيادية، فهذا يؤدي إلى تضعضع بنيانها القومي من ناحية، وتحولها إلى دولة تتخلف عن ركب التقدم بنتيجة قولبة الفكر بقالب الدين أو الأخلاق أو التقاليد.

أول من ابتدع إلى مصطلح علمانية هو الكاتب البريطاني جورج هوليوك عام 1851، غير أنه لم يقم بصياغة عقائد معينة على العقائد التي كانت قد انتشرت ومنذ عصر التنوير في أوروبا؛ بل اكتفى فقط بتوصيف ما كان الفلاسفة قد صاغوه سابقًا وتخيله هوليوك، من نظام اجتماعي منفصل عن الدين غير أنه لا يقف ضده إذ صرح: "لا يمكن أن تفهم العلمانية بأنها ضد المسيحية هي فقط مستقلة عنها؛ ولا تقوم بفرض مبادئها وقيودها على من لا يود أن يلتزم بها. المعرفة العلمانية تهتم بهذه الحياة، وتسعى للتطور والرفاه في هذه الحياة، وتختبر نتائجها في هذه الحياة". بناءً عليه، يمكن القول أن العلمانية ليست أيديولوجيا أو عقيدة بقدر ما هي طريقة للحكم، ترفض وضع الدين أو سواه كمرجع رئيسي للحياة السياسية والقانونية، وتتجه إلى الاهتمام بالأمور الحياتية للبشر بدلاً من الأمور الأخروية، أي الأمور المادية الملموسة بدلاً من الأمور الغيبية.

الدولة العلمانية

من المختلف عليه وضع تعريف واضح للدولة العلمانية؛ وفي الواقع فهو تعريف يشمل ثلاث جوانب أساسية، ويتداخل مع مفهوم دين الدولة أو الدين ذو الامتياز الخاص في دولة معينة. هناك بعض الدول تنصّ دساتيرها صراحة على هويتها العلمانية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية والهند وكندا. بعض الدول الأخرى، لم تذكر العلمانية في دساتيرها ولكنها لم تحدد دينًا للدولة، وتنصّ قوانينها على المساواة بين جميع المواطنين وعدم تفضيل أحد الأديان والسماح بحرية ممارسة المعتقد والشرائع الدينية، وإجراء تغيير في الدين بما فيه الإلحاد أو استحداث أديان جديدة بما يشكل صونًا لحقوق الإنسان وحقوق الأقليات الدينية، وهي بالتالي تعتبر دولاً علمانية. هناك الشريحة الثالثة من الدول وتنصّ دساتيرها على دين الدولة معيّن كمصر وموناكو واليونان غير أن دساتيرها تحوي المبادئ العلمانية العامة، كالمساواة بين جميع مواطنيها وكفالة الحريات العامة، مع تقييد لهذه الحريات، يختلف حسب الدول ذاتها. في مالطا وهي دولة تتخذ المسيحية الكاثوليكية دينًا لها يعتبر الإجهاض محرمًا بقوة القانون، وذلك مراعاة للعقائد الكاثوليكية، ومع ذلك فإن نسب تقييد الحريات العامة في مالطا هو أقل بكثير مما هو عليه في دول أخرى كمصر حيث تعتبر الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ما أدى إلى قيود حول تغيير الدين أو بناء دور عبادة غير إسلامية إلى جانب تشريع تعدد الزوجات وغيرها من القضايا المرتبطة بقانون الأحوال الشخصية. المثل المصري ينطبق على عدد من الدول الأخرى، ما دفع بعض الباحثين لاجراء تعديلات اصطلاحية فأحلت "الدولة المدنية" بدلاً من "الدولة العلمانية" واقترح البعض "دولة مدنية بمرجعية دينية"، غير أن ذلك حسب رأي بعض الباحثين يفرغ مبادئ المساواة والحريات العامة من مضمونها ويحصرها في قالب معيّن ما يعني دولة دينية وإن بإطار مدني. أما الدول الأقرب لنموذج مالطا فمن المتفق عليه وصفها دولاً علمانية، إلى جانب بعض التحفظات كعبارة "حياد الدولة تجاه الدين" بدلاً من "فصل الدولة عن الدين".




لا يزال النقاش يدور في الدولة المصنفة علمانيًا حول مدى الالتزام بفصل الدين عن الدولة؛ ففي فرنسا جدول العطل الرسمية مقتبس بأغلبه من الأعياد الكاثوليكية، وكذلك تقدم الدولة من أموال دافعي الضرائب تمويلاً للمدارس الدينية؛ أما في الهند وهي أيضًا دولة تنصّ على العلمانية الكاملة، تقدّم الدولة سنويًا إعانات للحجاج المسلمين وصل في عام 2007 إلى 47454 روبية عن كل حاج هندي. أما دستور أستراليا وهي دولة علمانية رغم عدم ورود العبارة صراحة، يذكر في المادة السادسة عشر بعد المئة، على عدم تقييد أي حرية دينية أو ممارسة للشعائر الدينية أو تمييز بين معتنقي مختلف الأديان في مناصب الدولة والحياة العامة، ومع ذلك فإن الدستور ذاته يبدأ بعبارة " بتواضع، نعتمد على نعمة الله المتعالي" (بالإنجليزية: Humble reliance on the blessing of Almighty God)، وسوى ذلك فإن الحكومة الأسترالية تدعم الصلاة المسيحية في المدارس الحكومية وتمول المدارس الدينية التي تعدّ القسس الجدد وكذلك رجال الدين. الحال كذلك في سويسرا وفي الولايات المتحدة الإمريكية، وإن بدرجات متفاوتة لا تشمل في جميع الظروف تقييد أي حرية دينية أو ممارسة للشعائر الدينية أو تمييز بين معتنقي مختلف الأديان في مناصب الدولة والحياة العامة فهي من المبادئ المشتركة بين جميع الدول المصنفة كعلمانية.

علاقة العلمانية بالليبرالية والديمقراطية

العلمانية بمعنى أشمل قد تعني فصل الدين عن الممارسات (ومن ضمنها الحياة الشخصية) قد يكون هو الأكثر تميّزا من معارّفها بمعناها الضيق والذي يعني فصل الدين عن الدولة مع بعض مبادئ الليبرالية، حيث تذكر الموسوعة البريطانية ذلك المعنى ضمن الليبرالية .

من جهة اُخرى فإن الديمقراطية بمعناها الضيق وهو حكم الأغلبية بدون الاهتمام لحريات الأفراد وهو ما يدعى بالديمقراطية اللاليبرالية، فإنها بهذا المعنى لا تقتضي فصل الدين عن الدولة بالضرورة بل تعتمد على اختيار أغلبية الشعب التي قد تكون دينية كما يمكن أن تكون لادينية. لكن إذا أدخلنا حرية التعبير اللازمة لمنافسة عادلة للمعارضة السياسية في تعريف الديمقراطية فيستلزم ذلك فصل الدين عن الدولة بما يسمح بحرية الأفراد في التعبير بلا قيود دينية إذ بدون هذه الحرية لا يمكن للسياسيين والمفكرين العلمانيين أن يعبّروا عن آرائهم مما يخل بمبدأ الحرية الأساسية للدعاية الانتخابية التي يمكن أن تتضمن ما هو مخالف للدين.

كذلك فإن العلمانية بمعناها الضيق ليست الا جزءا من معنى الليبرالية فهي تفصل الدين فقط عن الدولة وهذا لا يكفي لضمان حرية وحقوق الأفراد بينما تفصل الليبرالية جميع المعتقدات الشمولية عن الدولة سواء كانت دينية أو غير دينية، ومن أمثلة انتهاك حريات وحقوق الأفراد لأسباب غير دينية حكم ستالين في الاتحاد السوفيتي السابق، وحكم هتلر في ألمانيا النازية.

أما المعنى الأشمل للعلمانية المتمثل بفصل الدين عن الحياة والاهتمام بها على حساب الدين فهو واحد من الخيارات التي تتيحها الليبرالية لأفرادها كما تتيح لهم أيضا الاهتمام بالدين على حساب الحياة إذا رغبوا ذلك بشرط عدم إرغام الأفراد على أي رأي معيّن بشأن الدين أو غيره.

الحجج المؤيدة والمعارضة للعلمانية

الحجج التي تدعم العلمانية تختلف اختلافاً كبيراً. ذهب البعض إلى أن العلمانية هي حركة في اتجاه التحديث، بعيداً عن القيم الدينية التقليدية. هذا النوع من العلمانية، وعلى المستوي الاجتماعي أو الفلسفي، فقد وقعت في كثير من الأحيان مع الاحتفاظ به الكنيسة الرسمية للدولة أو غيرها من دعم الدولة للدين. في الولايات المتحدة، يقول البعض أن الدولة العلمانية قد ساعدت إلى حد كبير في حماية الدين من التدخل الحكومي، في حين أن العلمانية على المستوي الاجتماعي أقل انتشاراً داخل البلدان أيضاً، غير أنه يختلف دعم الحركات السياسية للعلمانية لأسباب متفاوتة.

يجادل معارضوا الحكومة العلمانية بأنها تخلق من المشاكل أكثر مما تحل، وأن حكومة دينية (أو على الاقل ليست علمانية) ستكون أفضل. بعض المسيحيين يجادلون بأن في إمكان الدولة المسيحية إعطاء المزيد من حرية الدين أكثر مما تعطيه دولة علمانية، وأشاروا إلى النرويج وايسلندا وفنلندا والدانمرك، مع جميع الصلات الدستورية بين الكنيسة والدولة، ولكن كما اعترف أكثر تقدمية وليبرالية من بعض البلدان دون هذا الربط. على سبيل المثال، ايسلندا كانت من بين أوائل البلدان الساعية إلى تقنين الاجهاض، والحكومة الفنلندية وفرت التمويل اللازم لبناء المساجد.

يستشهد العلمانيون بأوروبا في العصور الوسطى بفشل النظام الشمولي لما بلغت إليه أوروبا من تردي عندما حكمت الكنيسة أوروبا وتعسّفها تجاه كل صاحب فكر مغاير لها. لذلك فهم يرتؤون أن الكنيسة لا يجب أن تخرج من نطاق جدران الكنيسة لتتحكم في قوانين الميراث والوقوف في وجه النهضة العلمية ونعتها بالسحر إبّان العصور الوسطى.

على أرض الواقع يعلن كثير من العلمانيين (العرب باللأخص) أنهم يؤمنون بالدين ولكن بشكل تجديدي عصري، متطور متحرك. فيتحول الخلاف الرئيس بين المؤيدين والمعارضين للعلمانية (اللادينية) إلى اختلاف حول طبيعة الإنسان ما بين الثبات والتغير؛ وموقف الشريعة من ذلك ما بين الجمود والمرونة. فيرى العلمانيون أن الإنسان كائن متغير ومن ثم ينبغي أن تكون الأحكام التي تنظم حياته متغيرة، فلا تصلح له شريعة جوهرها الثبات. وأن هذا يعني الحجر على الإنسان والحكم عليه بالجمود الأبدي.

بينما يرى المعارضون ان الإنسان ليس صحيحاً أن جوهره التغير، فبالرغم من هذا التغير الهائل، الذي حدث في دنيا الإنسان، لم تتغير ماهيته؛ ولا استحال جوهر إنسان العصر الذري عن جوهر إنسان العصر الحجري. فجوهر الإنسان، ليس ما يأكله الإنسان، أو ما يلبسه الإنسان، أو ما يسكنه الإنسان، أو ما يركبه الإنسان، أو ما يستخدمه الإنسان، أو ما يعرفه الإنسان من الكون من حوله، أو عما يقدر عليه من تسخير طاقاته لمنفعته، ولكن الواقع أن الإنسان في جوهره وحقيقته بقي هو الإنسان، منذ عهد أبي البشر آدم إلى اليوم، لم تتبدل فطرته، ولم تتغير دوافعه الأصلية، ولم تبطل حاجاته الأساسية، التي كانت مكفولة له في الجنة، وأصبح عليه بعد هبوطه منها أن يسعى لإشباعها. ولذلك فان إنسان القرن الحادي والعشرين، أو ما بعد ذلك، لا يستغنى عن هداية الله المتمثلة في وصاياه وأحكامه، التي تضبط سيره، وتحفظ عليه خصائصه، وتحميه من نفسه وأهوائها.

بخصوص جمود شريعة جوهرها الثبات، فيعتقد المعارضون أن التزام الإنسان بشريعة الله لا يعني الحجر عليه، ولا الحكم عليه بالحجر الأبدي، لأن هذا يصح، لو كانت الشريعة تقيد الإنسان في كل حياته بأحكام جزئية تفصيلية. والشريعة ليست كذلك، فقد تركت للعقل الإنساني مساحات واسعة يجول فيها ويصول قالب:موقع الدكتور يوسف القرضاوى في بحث بعنوان الشريعة والحجر على الانسان. منها: شئون الدنيا الفنية، التي فسح له المجال فيها، ليبتكر ويبتدع ما شاء "أنتم أعلم بأمور دنياكم" رواه مسلم، ومنها: منطقة الفراغ من التشريع، والإلزام في شئون الحياة والمجتمع، التي يطلق عليها: "منطقة العفو"، أخذاً من الحديث النبوي: "ما أحل الله، فهو حلال، وما حرمه فهو حرام، وما سكت عنه، فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا، ثم تلا (وما كان ربك نسياً) (سورة مريم:64) الحديث.

ومثله حديث: "إن الله فرض فرائض، فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء، رحمة بكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها" رواه الدارقطني، وهو من أحاديث الأربعين النووية. ومنها: أن ما ينص عليه، إنما يتناول ـ في الغالب ـ المبادئ والأحكام العامة، دون الدخول في التفصيلات الجزئية، إلا في قضايا معينة من شأنها الثبات، ومن الخير لها أن تثبت، كما في قضايا الأسرة، التي فصل فيها القرآن تفصيلاً، حتى لا تعبث بها الأهواء، ولا تمزقها الخلافات، ولهذا قال المحققون من العلماء: إن الشريعة تفصل فيما لا يتغير، وتجمل فيما يتغير، بل قد تسكت عنه تماماً.

عن أن ما فصلت فيه الأديان، كثيراً ما يكون التفصيل فيه بنصوص قابلة لأكثر من تفسير، ومحتملة لأكثر من رأي، فليست قطعية الدلالة، ومعظم النصوص كذلك، ظنية الدلالة، ظنية الثبوت، وهذا يعطي المجتهد ـفرداً أو جماعةـ فرصة الاختيار والانتقاء، أو الإبداع والإنشاء.

هذا إلى ما قرره العلماء: أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعرف والحال، وأن للضرورات أحكامها، وأن الأمر إذا ضاق اتسع، وأن المشقة تجلب التيسير، وأن الله يريد بعبادة اليسر، ولا يريد بهم العسر، وما جعل عليهم في الدين من حرج.

ولكل هذا يرون أن الشريعة ليست أغلالاً في أعناق الناس، ولا قيوداً في أرجلهم، بل هي علامات هادية، ومنارات على الطريق، وقواعد للسير حتى لا يصطدم الناس بعضهم ببعض، فتذهب الأرواح والأموال. فيسألون لماذا نقبل قوانين الله الكونية، ولا نقبل قوانينه الشرعية؟! لماذا نقبل سنن الله في خلقه، ونرفض سننه في أمره، وهو في كلا الحالين: العليم الذي لا يجهل، والحكيم الذي لا يعبث؟! بل يرون أن من تمام حكمة الله وبره بعبادة ورحمته بهم، ألا يدعهم هملاً، ولا يتركهم سدى، وأن يلزمهم بما فيه مصلحتهم، والرقي بأفرادهم وجماعاتهم.

ولهذا فالشرائع -في رأى المعارضين- أودع الله فيها عنصرى الثبات والخلود، وعنصر المرونة والتطور معاً، ففى تحديد مجالات الثبات والمرونة يقولون: إنه الثبات على الأهداف والغايات، والمرونة في الوسائل والأساليب. الثبات على الأصول والكليات، والمرونة في الفروع والجزئيات. الثبات على القيم الدينية والأخلاقية، والمرونة في الشئون الدنيوية والعلمية.

فالأحكام عندهم نوعان:

نوع: لا يتغير عن حالة واحدة مر عليها، لا بحسب الأزمنة ولا الأمكنة، ولا اجتهاد الأئمة، كوجوب الواجبات، وتحريم المحرمات، والحدود المقدرة بالشرع على الجرائم، ونحو ذلك. فهذا لا يتطرق إليه تغيير، ولا اجتهاد يخالف ما وضع عليه.

والنوع الثاني: ما يتميز بحسب اقتضاء المصلحة له زمانا ومكاناً وحالاً، كمقادير التعزيرات وأجناسها وصفاتها، فإن الشارع ينوع فيها حسب المصلحة.

مراحل العلمانية
مرّت العلمانية الشاملة بثلاث مراحل أساسية:
مرحلة التحديث

اتسمت هذه المرحلة بسيطرة الفكر النفعي على جوانب الحياة بصورة عامة، فلقد كانت الزيادة المطردة من الإنتاج هي الهدف النهائي من الوجود في الكون، ولذلك ظهرت الدولة القومية العلمانية في الداخل والاستعمار الأوروبي في الخارج لضمان تحقيق هذه الزيادة الإنتاجية. واستندت هذه المرحلة إلى رؤية فلسفية تؤمن بشكل مطلق بالمادية وتتبنى العلم والتكنولوجيا المنفصلين عن القيمة، وانعكس ذلك على توليد نظريات أخلاقيّة ومادية تدعو بشكل ما لتنميط الحياة، وتآكل المؤسسات الوسيطة مثل الأسرة.

مرحلة الحداثة

هي مرحلة انتقالية قصيرة استمرت فيها سيادة الفكر النفعي مع تزايد وتعمق آثاره على كافة أصعدة الحياة، فلقد واجهت الدولة القومية تحديات بظهور النزعات العرقية، وكذلك أصبحت حركيات السوق (الخالية من القيم) تهدد سيادة الدولة القومية، واستبدل الاستعمار العسكري بأشكال أخرى من الاستعمار السياسي والاقتصادي والثقافي، واتجه السلوك العام نحو الاستهلاكية الشرهة.

مرحلة ما بعد الحداثة

في هذه المرحلة أصبح الاستهلاك هو الهدف النهائي من الوجود ومحركه الحرية واللهو والتملك، واتسعت معدلات العولمة لتتضخم مؤسسات الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية الدولية وتتحول القضايا العالمية من الاستعمار والتحرّر إلى قضايا المحافظة على البيئة والمساواة بين المرأة والرجل وبين الناس وحماية حقوق الإنسان ورعاية الحيوان وثورة المعلومات. من وجهة أخرى ضعفت في المجتمعات الصناعية المتقدمة مؤسسات اجتماعية صغيرة بطبعها مثل الأسرة، بسبب الأسهاب في مسالة المساوة بين الرجل والمرأة، وظهرت بجانبها اشكالا أخرى للمعيشة العائلية مثل زواج الرجال أو زواج النساء، وزاد عدد النساء التي يطلبن الطلاق فشاعت ظاهرة امرأة وطفل أو امرأتان وأطفال، كل ذلك مستنداً على خلفية من غياب الثوابت والمعايير الحاكمة لأخلاقيات المجتمع والتطور التكنولوجي الذي يتيح بدائل لم تكن موجودة من قبل.

العلمانية في الدول المسلمة

رغم أنبثاق مصطلح العلمانية من رحم التجربة الغربية، إلا أنه انتقل إلى القاموس العربي الإسلامي، مثيراً بذلك جدلاً حول دلالاته وأبعاده. والواقع أن الجدل حول مصطلح العلمانية في ترجمته العربية يعد إفرازاً طبيعياً لاختلاف الفكر والممارسة العربية الإسلامية عن السائد في البيئة التي أنتجت هذا المفهوم، لكن ذلك لم يمنع المفكرين العرب من تقديم إسهاماتهم بشأن تعريف العلمانية. تختلف إسهامات المفكرين العرب الموسوعة المعرفية بشأن تعريف مصطلح العلمانية، فعلى سبيل المثال:

يرفض المفكر المغربي محمد عابد الجابري تعريف مصطلح العلمانية باعتباره فقط فصل الكنيسة عن الدولة، لعدم ملاءمته للواقع العربي الإسلامي، ويرى استبداله بفكرة الديموقراطية "حفظ حقوق الأفراد والجماعات"، والعقلانية "الممارسة السياسية الرشيدة".

في حين يرى د. وحيد عبد المجيد الباحث المصري أن العلمانية (في الغرب) ليست فكرانية (أيديولوجية)(منهج عمل)، وإنما مجرد موقف جزئي يتعلق بالمجالات غير المرتبطة بالشؤون الدينية. ويميز د. وحيد بين "العلمانية اللادينية" -التي تنفي الدين لصالح سلطان العقل- وبين "العلمانية" التي نحت منحى وسيطاً، حيث فصلت بين مؤسسات الكنيسة ومؤسسات الدولة مع الحفاظ على حرية الكنائس والمؤسسات الدينية في ممارسة أنشطتها.

في المنتصف يجيء د. فؤاد زكريا -أستاذ الفلسفة- الذي يصف العلمانية بأنها الدعوة إلى الفصل بين الدين والسياسة، ملتزماً الصمت إزاء مجالات الحياة الأخرى (مثل الأدب). وفي ذات الوقت يرفض سيطرة الفكر المادي النفعي، ويضع مقابل المادية "القيم الإنسانية والمعنوية"، حيث يعتبر أن هناك محركات أخرى للإنسان غير الرؤية المادية.

ويقف د. مراد وهبة - أستاذ الفلسفة- وكذلك الكاتب السوري هاشم صالح إلى جانب "العلمانية الشاملة" التي يتحرر فيها الفرد من قيود المطلق والغيبيّ وتبقى الصورة العقلانية المطلقة لسلوك الفرد، مرتكزاً على العلم والتجربة المادية.

ويتأرجح د. حسن حنفي-المفكّر البارز صاحب نظرية اليسار الإسلامي- بين العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة ويرى أن العلمانية هي "فصل الكنيسة عن الدولة" كنتاج للتجربة التاريخية الغربية. ويعتبر د. حنفي العلمانية -في مناسبات أخرى- رؤية كاملة للكون تغطي كل مجالات الحياة وتزود الإنسان بمنظومة قيمية ومرجعية شاملة، مما يعطيها قابلية للتطبيق على مستوي العالم. من جانب آخر، يتحدث د.حسن حنفي عن الجوهر العلماني للإسلام -الذي يراه ديناً علمانياً للأسباب التالية:

النموذج الإسلامي قائم على العلمانية بمعنى غياب الكهنوت، أي بعبارة أخرى المؤسسات الدينية الوسيطة.
الأحكام الشرعية الخمسة، الواجب والمندوب والمحرّم والمكروه والمباح، تعبّر عن مستويات الفعل الإنساني الطبيعي، وتصف أفعال الإنسان الطبيعية.
الفكر الإنساني العلماني الذي حول بؤرة الوجود من الإله إلى الإنسان وجد متخفٍ في تراثنا القديم عقلاً خالصًا في علوم الحكمة، وتجربة ذوقية في علوم التصوف، وكسلوك عملي في علم أصول الفقه.

يقول المفكر السوداني الخاتم عدلان الذي يعتبر من أبرز المنادين بالعلمانية في المنطقة العربية "إن العلمانية تعني إدارة شؤون الحياة بعيداً عن أي كهنوت، كما ظهرت اتجاهات جديدة في تعريف العلمانية مثل التي تنص على أن العلمانية هي استعداد الفرد والمجتمع للاستفادة من خلاصة المنتوج البشري في سبيل تحقيق رفاهيته".

الجمعة، 5 أبريل 2013

تاريخ المسيحية في المغرب










المسيحية في المغرب! .. اعتناق بعض الأفراد المسيحية البروتستانتية ظلت في تنامي ضئيل جدا نظرا لتنامي الحملات التنصيرية ولعدم اعتراف الدولة بمواطن مغربي مسيحي


موقع بُكرا 04/05/2010
في القرنين (التاسع عشر والعشرين) أن بظهور الإسلام وخاصة أثناء وصول عقبة بن نافع إلى الشمال الإفريقي (بين 681 م و683 م) بدأ تقلص الكنيسة القديمة في الشمال الإفريقي والمغرب بينما كان في الشمال الإفريقي في القرن الثالث الميلادي نحو ثلاثين مجمع كنسي إفريقي وما يقارب ستمائة أسقف في عهد القديس أوغسطينوس .وأول مطبعة عربية إسبانية بتطوان أسسها الأب ليرشوندي عام 1867 كما أسس عام 1877 بطنجة مستشفى وإعدادية للذكور ومعهدا لتعليم العربية للمبشرين الفرنسيسكان بتطوان.ورغم وجود مبشرين مسيحيين بالمغرب بين 1839 و1847 فإن البروتستان والأنجليكان إنما ظهروا بالصويرة منذ 1875. وفي عام 1900 كان بالمغرب سبع جمعيات تبشيرية موزعة على مركزا بفاس ومكناس وصفرو ومراكش وفي عام 1921 بلغ عدد المبشرين اثنين وثلاثين موزعين في بركان والدارالبيضاء ووجدة وكرسيف والقنيطرة ومراكش والجديدة ومكناس والصويرة وواد زم والرباط وأسفي وسطات وتاوريرت وتادلا وتازة. ولم تخف البعثات المسيحية منذ 1915 رغبتها في تمسيح المغاربة مستعينة بأمثال ميشو بيلير مشجعة بنتائج التمسيح لدى القبابلية بالجزائر.
وهنا بدأ الشعور بضرورة تمسيح البرابرة الذين لا يمكن استيعابهم إلا بتمسيحهم وقد كان للأستاذ ماسينيون دور في ذلكوقد تشجعت الكنيسة بتنصر محمد ابن عبد الجليل عام 1928 مما فسح المجال للظهير البربري وكان لممثل الكنيسة بالرباط عام 1932 ضلع في ذلك وهنا ظهرت الحركة الوطنية في صيف 1933 وبرنامج الإصلاحات المغربية عام 1934 مما حدا الكنيسة إلى مضاعفة نشاطها التمسيحي عام 1935 في خدمة المعمرين الاستعماريين.
وتزعم إحصائيات أسقفية الرباط أن عدد الأهالي المنصرين وصل إلى (158) عام 1939 وعدد أفراد الجالية المسيحية بالمغرب إلى مائتي ألف عامي 1940 و1941 وغداة الحرب العالمية الثانية دعا الأسقف الجزويت بالمغرب إلى تأسيس مدرسة فلاحية في تمارة ولكن الدعوة بدأت تخبو بعد صدور التصريح الدولي لحقوق الإنسان عام 1948 فبدأت مرحلة الحوار الحر عن طريق الكرم والإحسان وأصبحت جمعية Maroc – Monde منبرا للودادية المغربية التي تضم يهودا ومسلمين ومسيحيين وفي عام 1944 ظهرت مجلة Terres d’Afrique لصاحبهاPaul Butin ثم عام 1946 لمحاربة الإدارة المباشرة التي كانت تمارسها الحماية وبعد الاستقلال (1956- 2005) بدأت مرحلة الحوار أو التسامح ومع ذلك بلغ عدد المسيحيين في أسقفتي الرباط وطنجة (478.000) أي 5.2 % من عدد السكان ثم تقرر عام 1983 وضع نظام رسمي للكنيسة المسيحية بالمغرب في رسالة وجهها الملك الحسن الثاني يوم 30 ديسمبر 1983 إلى البابا يوحنا بولس الثاني.
الحملات التنصيرية الحديثة
الدين الكاسح للمملكة المغربية هو الإسلام مع الاعتراف بأقلية يهودية مرتكزة في عدة مدن مختلفة مثل: بجعد، فاس، مراكش، مكناس، في أحياء خاصة بهم لطالما عرفت باسم الملاح. وجود بعض الافراد يعتنقون المسيحية البروتستانتية ظلت متواجدة في تنامي ضئيل جدا نظرا لتنامي الحملات التنصيرية ولعدم اعتراف الدولة بمواطن مغربي مسيحي وهذا ما فرض نوعا من السرية في ممارسة الطقوس الخاصة بهم. ولعل أبرز دليل على تنامي وبروز النشاط التبشيري في المغرب هو دق ناقوس الخطر من طرف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق.
التنصير والبرلمان
بعد أن كانت السلطات المغربية تغض الطرف في الماضي عن مثل هذه الأنشطة التبشيرية بالنظر إلى عدم تقدير حجمها الحقيقي، فإن الحقائق التي قدمتها صحيفة"لوموند" الفرنسية، انتقل الحديث عنها إلى داخل البرلمان المغربي حيث طرح حزب الاستقلال سؤالا شفويا على وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، وبدأت التعبئة من أجل معرفة حجم التنصير في البلاد، كانت نتيجتها الخروج بتقرير عن حجم الظاهرة انتهى إلى أن هناك بالفعل نحو 800 منصر ينشطون في مختلف المدن المغربية حسب الرقم الذي أوردته الصحيفة الفرنسية.
ووقدم التقرير معلومات ضافية عن وسائل المبشرين المعتمدة في نشر المسيحية في أوساط الشباب المغربي والفئات الاجتماعية الفقيرة.
أشار إلى أن كنائس التبشير العالمية في أوروبا وأمريكا تعمل على نقل المبشرين إلى المغرب تحت صفات مختلفة: أطباء، ممرضين وممرضات، أساتذة في المراكزوالبعثات التعليمية الأجنبية، مقاولين ومستثمرين أو مهندسين، يشترط فيهم معرفة كاملة بالدين المسيحي واطلاع كاف على تعاليم الإسلام ومعرفة اللغة الإنجليزية، وتعمل على توزيعهم على مختلف الأقاليم والمناطق بهدف الاقتراب من السكان وقضاء حاجياتهم، حيث يوزعون الأدوية على المرضى والمحتاجين. وأشار التقرير إلى أن جامعة الأخوين بمدينة إفران التي أنشأت قبل أعوام بتعاون مغربي ـ سعودي أصبحت هي الأخرى ملاذا للمبشرين، إذ اعتنق الكثير من طلبتها الديانة المسيحية، بسبب اعتماد مناهج التعليم في هذه الجامعة على تبادل الأساتذة والبعثات العلمية، الأمر الذي جعل بعض الحركات التبشيرية الأمريكية من أوهايو وجورجيا وأركانساس تستغلها لنشر المسيحية.
وأشار التقرير إلى أن منظمة "المسيحية اليوم" الأمريكية أرسلت في شهر كانون الثاني 2004 بعثة تبشيرية خاصة إلى المغرب وأخرى في مارس 2004، وعقدت البعثة الثانية لقاءات مع مسؤولين مغاربة بهدف طلب السماح لهم بممارسة عملهم التبشيري.
وأعلن "سيزيك" أحد مسؤولي "الجمعية الوطنية للإنجيليين" الأمريكية أن تلك اللقاءات أسفرت لأول مرة عن فتح مشاريع لتطوير المسيحية بالمغرب كالمبادرات الثقافية" مشيرا إلى أن السلطات المغربية سمحت بإقامة حفل موسيقي مسيحي بمدينة مراكش السياحية.


رسم الايقونات على جدران معبد قيام المسيح فى المغرب .. هذا المعبد الذي يقع على شواطئ المحيط الاطلسي و المحاط بمنازل العرب المسلمين يعتبر من اقدم المعابد التابعة لبطريركية موسكو في الخارج
جورنال 24/08/2010 "الفرح" في المغرب
بدأ في عاصمة المغرب الرباط العمل على رسم الايقونات على جدران معبد قيام المسيح، حيث لم يجرى هذا العمل منذ 80 عاماً.
ان هذا المعبد الذي يقع على شواطئ المحيط الاطلسي و المحاط بمنازل العرب المسلمين يعتبر من اقدم المعابد التابعة لبطريركية موسكو في الخارج. افتتح المعبد في عام 1932 بفضل اول جالية روسية في المغرب التي هاجرت من روسيا بعد ثورة عام 1917 و الحرب الاهلية.
"بالطبع جرت اصلاحات المعبد لاكثر من مرة و لون السقف و غيرها من الامور، و لكن لم يعمل فيه الرسامون ابداً" - هذا ما قاله لاذاعة "صوت روسيا" مدير هيئة موسكو الارثوذكسية لفن الرسم على الجدار "رادوست" (اي الفرح) بوريس اليكسييف:
لقد بدأ كل شيئ من رسالة رئيس المعبد الاب دميتري الذي كتب لنا ان الحاجز الايقوني على وشك الانهيار و قد عفنت كل الدعامات الخشبية القديمة. و قد بدأنا بالتراسل بعد ان زار موقعنا في الانترنت و اعجب بعملنا. و قبل بدء الرسم ارسلت شخصين لكي يهيئوا المعبد للرسم.
سيعمل الرسامون من هيئة "رادوست" على رسم 500 متر مربع. انه عمل كبير و محسوب لمدة عام و نصف لانه تم اختيار تقنية رسم خاصة، يتابع بوريس اليكسييف:
ان البناء الحديث (الذي ينتمي اليه المعبد في الرباط مع ان عمره 80 سنة) لا يسمح بالرسم على الحائط لان جداره لا تتكون من الحجر الجيري. و لهذا تظهر مسألة استخدام التقنيات الجافة. ترسم اليوم الكثير من المعابد بواسطة الالوان الزيتية و الاكريليك و هذا لا يجوز ابداً فعله. و السبب يعود الى ان هذه الالوان تشكل طبقة عازلة تمنع الجدران من التنفس و تبدأ بالتعفن و من الصعب بعدها ازالة هذه الطبقة من العفن. و لهذا نستخدم اليوم الوان السليكون التي لا تشكل اي طبقة عازلة و تسمح للجدران بالتنفس و تضع بسهولة على اي سطحية.
لقد زار هذا المعبد لعدة مرات في الثلاثينات من القرن الماضي الكاتب الفرنسي انطوان دي سين ايكزوبري مؤلف قصة "الامير الصغير". كان معجب بمنظر المعبد و الغناء الكنسي و على الرغم من انه لم يفهم الروسية الا انه كان يملئ بالطاقة الروحية من الكنيسة يتابع بوريس اليكسييف:
ان ادراك هذا المعبد كجزء من الثقافة الروسية يلهم القوة والطاقة. فريق العمل التابع للهيئة ليس فقط مجموعة رسامين تعمل من اجل كسب المال، و انما هيئتنا تعمل على مدى 20 عاماً و قد رممنا 30 معبد و انا ارى ان العمل في المعبد يغير الانسان. و هذا امر يفرح.
لقد قدم الرسامون الى الرباط في ايام شهر رمضان المبارك، يضيف بوريس اليكسييف:
لقد زرنا مدينة فاس و مراكش و قصر الوزير المبدني في القرن 12. و قد انبهرنا بكثير من الاشياء بما في ذلك من الهندسة الاسلامية الحديثة. و لن انسى منظر المسجد في الدار البيضاء المبنية على شاطئ المحيط. و على الرغم من اختلاف ديننا الا انه عندما ننظر الى هذه المنشآت من الصعب التفكير غير بالله. و كان مثير ايضاً بالنسبة لنا مراقبة السكان، و تقدير الشعب المغربي للصوم يوحي احترام عميق. من الجميل جداً ان نرى الجهود الدينية التي يقدمها الناس بغض النظر عن الديانة.

للأمانة وجب تذكير أن الموضوع مأخود عن موقع الأقباط كاملا بدون تصرف
 coptichistory.org.

الجمعة، 11 يناير 2013

الكتابة بالدارجة المغربية






  اللــغة كـوسييـلة تـواصـل للأفكـــار ، يجـب أن تـكو ن فـي متنــاول

الجمــيع : لذا الدارجـة أحـســن و أقــرب و أقـل تـعقيــدا للمغـــاربة

فـهـي لـغة حـية :
( عكـس الفـصحـى ،الـخــاصـة للـمثـقفـين ...شأ نهـا شأن اللاتـينيـة ...ستبـقى لـغـة الاســاقفـة عنـد الغربييــن ، والفـصحى للسلـفييــن المـوالـين عـاطفيـا ببقكر قومجي العربي)

اللـغة هي اللغة الأم ، والمتداولة يوميا لجميع شؤون حيـاتنــا
اللـغة هـي اللـي كـانحلمـو بهـا ، ونـفكـرو بهـا بـلا مجهـود ، وتقدم يها المسرح و الغتاء و زجل
.. ولا نحتاج  لسنوات  في حفظ قواعد معقدة و بعيدة على واقعنـا..
تشكراتنا لمن يبدل  مجهود للنـهـوض بلغتـنـا المغـربية

الأربعاء، 9 يناير 2013

ساعة في السيبير



داك النهار مكاين ميدار للي خدام ولا ناعس فدارهم عييت من الدوران والعصير فالقهاوي دخلت أول سبير لقيتوا..السبيرات ديما كتلقا لبوسط للي فالقنت ولا مخبيين عامرين..للي كيشوف ليكرو بعين ويحضي يعين كنعرفوا اينا سيت جابد ولا للي مكتسمعش تقرقيب لكلافيي عرفوا كيتفرج فشي خاجة بحال وجهوا..بعض الظن اثم..

,واحدة باركة حدايا كدوي مع شي واحد من هادوك كتحلف ليه وتقول ليه هنكتب ليك هاد الكلمة..دايرة فيها حشمانة وخا كاين شي وحدات أنا كنحشم بلاصتهم.. مهم داير كاسك بلا صوت طالق وذني كنسمع ليها كتقول ليه بحب الراجل شجاع.. والقرد فرحان .

مقابل معايا واحد الدري كيستيتي مع شي كندية ولا فرنسية عندو مع فرونصي ديال ميدي 1. السبير فالليل كيكون زوين كسكونوا فيه غير هما..كنعرف وحدة ديما كذخل ضاربة المرطوب لوجهها هي وشي صحاباتها ولا خواتاتها..كاريين حدايا…وخا طالبات كنلقا فالطارو ديالهم فالصباح لفرماج والبيتزا ودانون..مكنقلبوش..أنا للعكس عندي فالدار مصنع لتدوير النفايات تاحاجة مكتلاح.

مهم هاد الأخوات الفاضلات كيدخلوا مول السبير كيبدا يفيبري كيركب ليهم لكام خاصة فيها الضو.. وللي بغاوها تجيهم فلبلاصة ونبدا نسمع فنايل سات اللهجات كلها خدامة ولبورطابلات كيصونيو..أما دراري مساكن محشرين تابعاهم لبطالة والهم والعقد..واحد بارك حدايا لقيتو كيقول ليا نحيد ليه لكام..يمكن شي وحدة قالت ليه دير لكام درتم معاه زوين خليه يفرح.

 وقيلا قال ليا انو كيشبه لرامي عياش..رامي عياش واكل التوكال..الدريات كيكونوا شابعين عياقة ومطلوبين..تزيد الهدرة مع وحدة تبلوكيك ولا تبغي تربيك..يمكن تلاقاها برا تصرفقها ولا متعقلش عليها..ولا للي عاد عرفتيها تقول لك قل لياشي حاجة فشكل لقيت أنا بعدا للي يقولها ليا..ايلا قلتي ليها تالغذا تقول لك مبرهش ولا معقد..ولكن ولابد كاين للي عقليتهم زوينة.. من جهتي كل للي تلاقيت معاهم من بعد الله يعمرها دار..
كاين للي زهروا غير فللي معندهم لكارت و كيدخل كيلقى راسو داير حضانة بلا رخصة.. ينصح هدا ويسكت هذه ..

هذا حال خوكم..كن كانوا عندنا قوانين مريكان كن طارو عليا شحال هاذي

الثلاثاء، 8 يناير 2013

ولد درب السلطان







شارع الفداء أو درب السلطان..معروف تما بقيسارية الحفاري والشاوية وزنقة الشمال..ولكن هاد القنت فالمغرب مش غير فكازا جامع كل الماركات.. للي بغا يشوف التسامح والتعصب يضرب لهنا.. تلقا الشلح والعروبي والفاس والريفي والجبلي..منعرف علاش مني كيتكلموا على المقاومة كيدكروا غير المدينة القديمة..نساو اصل كلمة الفداء..عزيز عليا ننزل لشارع الفداء فالليل ندور فيه..أمة لا اله الا الله كتكون خارجة.. وللي خدامين وللا متسكعين كيكونوا معمرين الطوبيسات.. 3 دراهم كافية.. كصكروط مخير ..كتجي فشكل يمشي لواحد لماكدو يصمكوه فالثمن ويبقى صيمانة يدور على فلوس ..ويخلي درب البلدية ..تمن ساندويش فماكدو يجيب لك نص كيلو شوا وبراد أتي ها.. زيد عليها المركوب والمصروف..حيت ماكدو مكاينش هنا ..يديروه حدانا يتمسخ..نيت أصلا حنا عزيز علينا التلصاق.. ماكدو مكيدخل ليه فميركان غير بوبي..عندهم ماكدو بحال سلطان العفن عندنا..هادي ماركة تجارية معروفة هنا..أشهرها محل كان فالشارع الفوقاني.. كدخل كتلقا واحد كيخور فنيفو كيسولك أش باغي..باقي كيقلي بزيت السيوف.. عندو من ديك الوقت..بغيتي ربع بدرهم ..نص بجوج دراهم..كضربو بزربة وتخرج..المشاش داخلين وخاجين..مشة مقطوع ليها الزنطيط.. هيكون غير داك السحار للي فالدرب..ديما ايلا بغيتي دخل خصك تاكل فقنت مخبي.. فالصغر كنت كنتخبا باش ميشوفنيش شي دري يلصقني ندوقوا .. دابا كنتخبا مشوفنيش شي حد يشد فيا..أش هادير ..من شب على شيء شاب عليه.. كاين شي محلات معرفت اش كيديروا ولكن عليهم النفاد.. محل سميتو كزوم فالدرب..فالساحة.. كيبيع نص بالطون.. زيد عليه كاس مونادا ايلا بغيتي تبرع راسك ..شارب بيبسي ومدلع نفسي..هدا نيكنايم كيدخل بيه ديما واحد المصري فالشاط.. معرفت أش فكرني بيه….كنت كنقول هاد كزوم تبارك الله عليه.. منحسدوهش.. الكلمة المتداوله هنا..هي تبعتوني.. كاين شي عشرة بحالو فنفس الصف..غير ديما النفاد عليه.. مكيبيعش حاجة خارقة للعادة ولكن الخارق للعادة هوا هاد الزحام..كلشي كيبغي يقصي عندو..علاش.. باش يتسمى واكل عند كزوم.. كيوقل ليا صاحبي أنو كيرش شي حا جة.. ولكن منظنش.. هدا ربي عطاه البركة..كانت محلبة معروفة ..الفصول ولكن دابا رجعات عادية ..غير باقي الناس كينعتوا بيها.. تسناني حدا الفصول..بقات ليها غير السمعة..


ولكن أحسن موضة دابة عندنا فالأحياء الشعبية طبعا..دوك المحلات ديال كرواصة والحلوى.. لا غلا على مسكين..خود للي بغيتي بعشرة ريال..وقت الفطور والكاسكروط كلش باغي يضرب كرواصة.. كيجي واحد عاجبو راسو كيقول للدرية للي كتبيع..اراي 20 بتيبانا.. ويدخل يدو فالفوقية.. سحاب ليه مخيم فسيدي بوزيد..ويعطيها 10 دراهم..ويمشي يعرج.. زعما عندو كلاكاج.. هادو كنحقد عليهم.. علاش معندناش فالمغرب طراقات بحال العراق.. والله تنخويها فشي قوم..المهم للي بغا ياكل ..5دراهم كافياه.. وللي باغي يتبوزق يمشي لدوك البلايص.. ولكن مينساش أن فالطوبيسات كيساليو معا 9 والموطور كيخسر فالطريق ..يعني هيرجع يبات هنا.. بلا ميحلم.. كلنا ولاد سيكتور واحد


http://joooba.maktoobblog.com

لاخطاء اللغوية والإملائية في القرآن - جزء 1

أفلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله  لوجدو فيه إختلافا كبيرا - سورة النساء    يعتقد معظم المسلمين أن في القرآن سمات رب...