الأربعاء، 4 نوفمبر 2015
اسطورة صلة القرابة بين العرب واليهود كاحفاد ابراهيم واسطورة بناء ابراهيم للكعبة
جاء محمد فى زمن كانت فكرة صلة القرابة بين العرب واليهود رائجة بين القبائل العربية حيث كانوا يرجعون نسبهم البعيد لاسماعيل ابن ابراهيم من جاريته هاجر , كما كان رائجا قصة الذبيح وفدائه كما جاءت بالتوراة وان اختلفوا فيما اذا كان الذبيح اسحق ام اسماعيل ويلخص القمنى المناخ الفكرى السائد بين العرب قبل ظهور الاسلام بخصوص هذه القضية : " وقد كانت قصة هذا الفداء معروفة بين العرب قبل الاسلام , حيث رد " عبد المطلب بن هاشم " الاصل القرشى والعنصر العربى عموما الى اسماعيل بن ابراهيم من جاريته هاجر المصرية , لكن الذبيح هنا كان اسماعيل وليس اسحق , كما لو كان هناك تنافس قديم بين العرب ابناء اسماعيل وبين اليهود ابناء اسحق ايهما كان المذبوح , ولنلاحظ فخر النبى محمد – ص – بانه ابن الذبيحين : عبد الله ابيه واسماعيل الجد البعيد , ولنلاحظ ايضا تاكيد القرآن الكريم لقصة الذبح والتقرب للاله بالذبائح البشرية فى قصة ابراهيم النبى وابنه اسماعيل عليهما السلام , اضافة لتاكيده ايضا قصة هابيل وقابيل التى وردت من قبل فى الكتاب المقدس وبين مقدسات الجاهليين فى الجاهلية حجر اسموه مقام ابراهيم , وكانت قريش حامية الكعبة فى مكة وبعض من تبعها يرجعون شعائرهم ومناسكهم فى الحج الى ابراهيم " ( الاسطورة والتراث , د. سيد القمنى , سينا للنشر , ط 1, 1992 ص 79 – 80 ) وما يقوله سيد القمنى على استحياء من ان الاسلام استغل الافكار السائدة عن علاقة العرب واليهود وعن بناء ابراهيم وابنه اسماعيل للكعبة , سجله طه حسين بكل صراحة مشككا فى هذه الروايات ومعتبرا اياها اساطير استغلها الاسلام ووافق عليها لمصلحة الدين الجديد ولاستقطاب اتباع ومؤيدين له ولدينه سواء من العرب او من اليهود خاصة فى مرحلة بدء الدعوة الى السنة الاولى او الثانية من الهجرة ليثرب حيث يوجد كثير من الجاليات اليهودية المستوطنة هناك يقول طه حسين " للتوراة أن تحدثنا عن ابراهيم واسماعيل ، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا ، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لاثبات وجودهما التاريخي ، فضلا عن اثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة اسماعيل بن ابراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها . ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعا من الحيلة في اثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة ، وبين الإسلام واليهودية والقرآن والتوراة من جهة أخرى . وأقدم عصر يمكن أن تكون قد نشأت فيه هذه الفكرة إنما هو هذا العصر الذي أخذ اليهود يستوطنون فيه شمال البلاد العربية ويبنون فيه المستعمرات . فنحن نعلم أن حروبا عنيفة شبت بين هؤلاء اليهود المستعمرين وبين العرب الذين كانوا يقيمون في هذه البلاد ، وانتهت بشيء من المسالمة والملاينة ونوع من المحالفة والمهادنة . فليس يبعد أن يكون هذا الصلح الذي استقر بين المغيرين وأصحاب البلاد منشأ هذه القصة التي تجعل العرب واليهود أبناء أعمام ، لا سيما وقد رأى أولئك وهؤلاء أن بين الفريقين شيئا من التشابه غير قليل ؛ فأولئك وهؤلاء ساميون . ولكن الشيء الذي لا شك فيه هو أن ظهور الإسلام وما كان من الخصومة العنيفة بينه وبين وثنية العرب من غير أهل الكتاب ، قد اقتضى أن تثبت الصلة الوثيقة بين الدين الجديد وبين الديانتين القديمتين : ديانة النصارى واليهود . فأما الصلة الدينية فثابتة واضحة ، فبين القرآن والتوراة والأناجيل اشتراك في الموضوع والصورة والغرض ، كلها ترمي إلى التوحيد ، وتعتمد على أساس واحد هو هذا الذي تشترك فيه الديانات السماوية السامية . ولكن هذه الصلة الدينية معنوية وعقلية يحسن أن تؤيدها صلة أخرى مادية ملموسة أو كالملموسة بين العرب وبين أهل الكتاب . فما الذي يمنع أن تستغل هذه القصة قصة القرابة المادية بين العرب العدنانية واليهود ؟ وقد كانت قريش مستعدة كل الاستعداد لقبول مثل هذه الأسطورة في القرن السابع للمسيح فقد كانت أول هذا القرن قد انتهت إلى حظ من النهضة السياسية والاقتصادية ضمن لها السيادة في مكة وماحولها وبسط سلطانها المعنوي على جزء غير قليل من العربية الوثنية . وكان مصدر هذه النهضة وهذا السلطان أمرين : التجارة من جهة ، والدين من جهة أخرى . فأما التجارة فنحن نعلم أن قريشا كانت تصطنعها في الشام ومصر وبلاد الفرس واليمن وبلاد الحبشة . وأما الدين فهذه الكعبة التي كانت تجتمع حولها قريش ويحج اليها العرب المشركون في كل عام ، والتي أخذت تبسط على نفوس هؤلاء العرب المشركين نوعا من السلطان قويا ، والتي أخذ هؤلاء العرب المشركون يجعلون منها رمزا لدين قوي كأنه كان يريد أن يقف في سبيل انتشار اليهودية والمسيحية من ناحية أخرى . فنحن نلمح في الأساطير أن شيئا من المنافسة الدينية كان قائما بين مكة ونجران . ونحن نلمح في الأساطير أيضا أن هذه المنافسة الدينية بين مكة وبين الكنيسة التي أنشأها الحبشة في صنعاء هي التي دعت إلى حرب الفيل التي ذكرت في القرآن . فقريش إذن كانت في هذا العصر ناهضة نهضة مادية تجارية ، ونهضة دينية وثنية . وهي بحكم هاتين النهضتين كانت تحاول أن توجد في البلاد العربية وحدة سياسية وثنية مستقلة تقاوم تدخل الروم والفرس والحبشة ودياناتهم في البلاد العربية . وإذا كان هذا حقا – ونحن نعتقد أنه حق – فمن المعقول جدا أن تبحث هذه المدينة الجديدة لنفسها عن أصل تاريخي قديم يتصل بالأصول التاريخية الماجدة التي تتحدث عنها الأساطير . وإذن فليس ما يمنع قريشا من أن تقبل هذه الأسطورة التي تفيد أن الكعبة من تأسيس اسماعيل وابراهيم ، كما قبلت روما قبل ذلك ولأسباب مشابهة أسطورة أخرى صنعها لها اليونان تثبت أن روما متصلة باينياس ابن بريام صاحب طروادة . أمر هذه القصة إذن واضح . فهي حديثة العهد ظهرت قبيل الإسلام واستغلها الإسلام لسبب ديني ، وقبلتها مكة لسبب ديني وسياسي أيضا " ( كتاب فى الشعر الجاهلى , طه حسين , فصل الشعر الجاهلي واللغة ) الكاتب: سواح المصدر: شبكة اللادينيين العرب
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
لاخطاء اللغوية والإملائية في القرآن - جزء 1
أفلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدو فيه إختلافا كبيرا - سورة النساء يعتقد معظم المسلمين أن في القرآن سمات رب...
-
الجزء الأول -القرآن وسجع الكهان وشعراء ما قبل الاسلام. الدراسة الثانية فواصل آيات القرآن تؤكد ان النص القرآنى نصا مسجوعا مثله مثل سجع ال...
-
((إذا انطلق الإنسان في بحثه عن الحقيقة من مقدّمات أكيدة، فسينتهي حتماً إلى الشك. ولكنه إذا كان مصمّماً بأن ينطلق من مقدّمات شكية فإنه سيتوصّ...
-
محمد بن من هو? (1) المضيف: من يُقلِّب كتب التراث يكتشف العجب. فهل وجدت شيئا في أبحاثك يفيد المشاهد؟ الرد: وجدت موضوعا غريبا جدا، لم أسمع...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق