الأربعاء، 4 نوفمبر 2015

بيت العنكبوت - من مزاعم إعجاز القرآن العلمي

يقول أحد دعاة الاعجاز العلمي: كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت، 41) من الذي أخبر محمدا(إذا كان القرآن من تأليفه)، منذ أكثر من 1400 سنة أن أنثى العنكبوت هي التي تنسج شبكة العنكبوت؟؟؟؟ مقدمة: كالعادة سنرى أن الإعجاز الوحيد الموجود هو "إعجاز التأويل". أي لي عنق النص والانتقال من مغالطة إلى أخرى حتى يحصل الإعجاز. الملفت للنظر كيف يببنى الاستنتاج تلو الآخر على معلومات خاطئة، تتراكم ليحدث ما يسمونه بالاعجاز. فدعاة الاعجاز العلمي ينبشون حتى يجدوا تصادفات لغوية تعجبهم، ثم يربطونها بمكتشفات علمية، صحيحة أو بتلفيق في أحيان أخرى. والهدف هو إبهار الجمهور، الذي لا يدري من أين تأتيه المعجزة... أولا: مغالطة لغوية.. العنكبوت كلمة يغلب عليها التأنيث في العربية. من لسان العرب: العَنْكَبُوتُ دُوَيْبَّة تَنْسُجُ , في الهواءِ وعلى رأْس البئر , نَسْجاً رقيقاً مُهَلْهَلاً , مؤَنثة قال الفراء : العَنْكَبُوت أُنثى , وقد يُذَكِّرها بعض العرب والتأْنيث في العنكبوت أَكثر وقال ابن الأَعرابي : العَنْكَبُ الذَّكَرُ منها , و العَنْكَبةُ الأُنثى http://lexicons.ajeeb.com/html/2054741.html أين الاعجاز في أن يتبع القرآن الاسلوب الغالب في اللغة؟ العكس ربما كان مثيرا للاستغراب، ولكنه لم يحصل.. أي أن الاعجاز إن صح، فمصدره العرب الذين اصطلحوا على تأنيث هذه الكلمة!! ‏ ثانيا: الاعجاز من قبعة الحاوي.. أين المعجزة في أمر احتماله عبر "الصدفة المحضة"، هو فيفتي-فيفتي؟ افتراض أي شيء غير عادي، ناهيك عن الاعجاز يحتاج إلى استبعاد التصادف كخطوة أولى. .والقصة هنا تذكر بقصة ذلك الطبيب الذي اشتهر بمعرفته جنس المولود أثناء الحمل بدقة هائلة، وذلك قبل عصر الايكو. وعندما سئل بعد تقاعده عن سر نجاحه.قال أنه كان يقول للأهل مثلا أن جنس المولود سيكون ذكرا، ثم يسجل في دفتره عكس ذلك، أي "أنثى". فإن صح ما قاله للأهل، فلن يراجعوه. وإن لم يصح، فالكثيرون ينسون القصة وما قاله الطبيب. ولكن إن حصل وراجعوه، عندها يفتح الدفتر للتدقيق، ويريهم أنه سجل "أنثى" في تاريخ المعاينة. وبذلك يصح توقعه أيضا. يعني لو ذكر النص العنكب، لما خطر للاعجازيين اعتبار الآية دليلا على خطأ علمي في القرآن. ثالثا: مغالطة علمية أولى.. من قال أن الأنثى هي التي تنسج فقط؟ هناك 37 ألف نوع من العناكب، وتختلف أحجامها وأشكال شباكها، في معظمها نرى الذكر ينسج الشباك مثل الأنثى. ولولا نسج الشباك لمات العنكب الذكر جوعا.فالشباك هي مصيدته. ولولا الشباك لما استطاع التزاوج، ولانقرض. فالكثير من الأنواع "يلهي" الذكر الانثى بهدية (حشرة اصطادها) أثناء التلاقح. تختلف الشباك في حجمها حسب جنس العنكبوت أحيانا. http://www.bmi.net/roseguy/gbspider.html رابعا: مغالطة علمية ثانية.. من قال أن بيت العنكبوت ضعيف؟ طبعا يستطيع الانسان أن يمزق شباك العنكبوت بسهولة. ولكن هذه هي نظرة هي النظرة السطحية إلى الموضوع. حديثا اكتشف العلماء أن شباك العنكبوت منسوجة من جزيئات بروتينية تعطيها متانة هائلة ( 1.3 GPa). أي بمتانة قريبة من الفولاذ (1.65 GPa)! وهناك أبحاث علمية لمحاولة استخدام خيوط بيت العنكبوت لتركيب أنسجة متينة. http://en.wikipedia.org/wiki/Spider_silk ثم أن تعبير "أوهن" يدل على أنه أوهن من أي بيت آخر، فبماذا نقارن؟ إن كانت المقارنة بالنسبة للانسان، فكل الحيوانات التي هي أصغر من العنكبوت بيوتها أوهن منه! وكذلك بالمقارنة مع الوزن، فبيت العنكبوت متين بما لا يقارن مع بيوت الديدان مثلا.. خامسا: محاولة التكحيل، التي تعمي. يبقى المعنى المجازي عن وهن البيت بمعنى الوهن الاجتماعي. كما ذكر بعضهم. مثلا: http://www.alquran-network.net/oloumo4jiza.htm والواقع أن هناك سراً بيولوجياً كشف العلم عنه فيما كشف لنا مؤخراً فالحقيقة أن بيت العنكبوت هو أبعد البيوت عن صفة البيت بما يلزم البيت من أمان وسكينة وطمأنينة فالعنكبوت الأنثى تقتل ذكرها بعد أن يلقحها وتأكله. . والأبناء يأكلون بعضهم بعضاً بعد الخروج من البيض ولهذا يعمد الذكر إلى الفرار بجلده بعد أن يلقح أنثاه ولا يحاول أن يضع قدمه في بيتها. وتغزل أنثى العنكبوت بيتها ليكون فخاً وكميناً ومقتلاً لكل حشرة صغيرة تفكر أن تقترب منه وكل من يدخل البيت من زوار وضيوف يقتل ويلتهم. . إنه ليس بيتاً إذن بل مذبحة يخيم عليها الخوف والتربص وإنه لأوهن البيوت لمن يحاول أن يتخذ منه ملجأ والوهن هنا كلمة عربية تعبر عن غاية الجهد والمشقة والمعاناة وهذا شأن من يلجأ لغير الله ليتخذ منه معيناً ونصيراً. . الوصف السابق ينطبق فقط على بعض الأنواع من الـ 37 ألف من أنواع العناكب المعروفة. فكثير من الأنواع لا تقوم بذلك. ولكن كيف يستقيم معنى الآية بعد ذلك؟ فالأنثى هي "القاتلة" وليست الضحية.. وبيتها متين بما يكفي لاستمرار جنس العناكب، دون أن تنقرض. وما علاقة اتخاذ آلهة غير الله بأكل الأنثى لذكرها، أو أكل الأبناء لبعضهم؟ فهل سيأكل عبدة الأوثان آلهتهم عند التلاقح؟ وهل هذا شيء سيء إن حصل؟ سادسا: للمقارنة أنقل تفسير ابن كثير: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه تَعَالَى لِلْمُشْرِكِينَ فِي اِتِّخَاذهمْ آلِهَة مِنْ دُون اللَّه يَرْجُونَ نَصْرهمْ وَرِزْقهمْ وَيَتَمَسَّكُونَ بِهِمْ فِي الشَّدَائِد فَهُمْ فِي ذَلِكَ كَبَيْتِ الْعَنْكَبُوت فِي ضَعْفه وَوَهَنه فَلَيْسَ فِي أَيْدِي هَؤُلَاءِ مِنْ آلِهَتهمْ إِلَّا كَمَنْ يَتَمَسَّك بِبَيْتِ الْعَنْكَبُوت فَإِنَّهُ لَا يُجْدِي عَنْهُ شَيْئًا فَلَوْ عَلِمُوا هَذَا الْحَال لَمَا اِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه أَوْلِيَاء وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُسْلِم الْمُؤْمِن قَلْبه لِلَّهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُحْسِن الْعَمَل فِي اِتِّبَاع الشَّرْع فَإِنَّهُ مُتَمَسِّك بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا اِنْفِصَام لَهَا لِقُوَّتِهَا وَثَبَاتهَا . ومن تفسير الطبري: مَثَل الَّذِينَ اِتَّخَذُوا الْآلِهَة وَالْأَوْثَان مِنْ دُون اللَّه أَوْلِيَاء يَرْجُونَ نَصْرهَا وَنَفْعهَا عِنْد حَاجَتهمْ إِلَيْهَا فِي ضَعْف اِحْتِيَالهمْ , وَقُبْح رِوَايَاتهمْ , وَسُوء اِخْتِيَارهمْ لِأَنْفُسِهِمْ , كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوت فِي ضَعْفهَا , وَقِلَّة اِحْتِيَالهَا لِنَفْسِهَا , اِتَّخَذَتْ بَيْتًا لِنَفْسِهَا , كَيْمَا يُكِنّهَا , فَلَمْ يُغْنِ عَنْهَا شَيْئًا عِنْد حَاجَتهَا إِلَيْهِ , فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ لَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ حِين نَزَلَ بِهِمْ أَمْر اللَّه http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?l=arb&taf=TABARY&nType=1&nSora=29&nAya=41 المعنى بسيط وواضح، بينما المعاني الإعجازية المفترضة، لا تعطي معنى متماسكا. وأخيرا.. يسأل داعية الإعجاز.. "من علم محمد ذلك؟" الآن نعرف الجواب: القصة وما فيها هي أن القرآن استخدم اللغة العربية كما كان استخدامها شائعا بلهجة قريش. (محمد تعلم الفصاحة العربية من حليمة السعدية)، ليعبر عن تجربة إنسانية عادية، معروفة بهذا الشكل منذ العصر الحجري على الأقل. وهي أن شباك العنكبوت ضعيفة بالمقارنة مع الانسان. ولكن نظرة محايدة إلى الموضوع تظهر المغالطة اللغوية. احتمال الصدفة الذي لم يتم استبعاده. المغالطة العلمية الأولى، وتلفيق قصة أن الأنثى هي وحدها التي تنسج. المغالطة العلمية الثانية، وهي وهن بيت العنكبوت، حيث يظهر العلم الحديث أنه متين جدا. ثم محاولة التكحيل التي تعمي القصة (الوهن الاجتماعي).. وإلى اللقاء في إعجاز جديد.. مراجع www.bmi.net/roseguy/gbspider.html موقع يتحدث عن العناكب وطبيعة حياتها في الحدائق.. http://en.wikipedia.org/wiki/Spider الموسوعة المجانية في الانترنت عن العناكب وحياتها.. نشرة عن خيوط عنكبوت صناعية بخصائص متينة لمختلف الاستخدامات http://www.alquran-network.net/oloumo4jiza.htm موقع يتحدث عن المعجزة المكحلة (الوهن الاجتماعي لبيت العنكبوت) الكاتب: القبطـان المصدر: شبكة اللادينيين العرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لاخطاء اللغوية والإملائية في القرآن - جزء 1

أفلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله  لوجدو فيه إختلافا كبيرا - سورة النساء    يعتقد معظم المسلمين أن في القرآن سمات رب...