وقف ميسرة المطغري على وفد أمازيغي أمام باب الخليفة هشام بن عبد الملك في دمشق. طلبوا لقاء الخليفة لعرض تظلماتهم من ولاتهم العرب، فلم يؤذن لهم. فعادوا إلى المغرب وأشعلوها ثورة دامت ثلاث سنوات، فصلت المغرب عن الخلافة الإسلامية إلى الأبد
أصبح المغرب، رسميا، بعد سنة 93/711م، جزءا لا يتجزأ من الخلافة الأموية، وولاية تابعة لها. كان والي الخليفة الأموي يستقر في القيروان، العاصمة الإقليمية، ويعين عماله في باقي مناطق الغرب الإسلامي: تلمسان، طنجة، الأندلس، السوس (تعني كلمة سوس خلال تلك الفترة كل ما يقع جنوب واد سبو). بعد موسى بن نصير، «الفاتح» الفعلي للمغرب الأقصى، تناوب على حكم المغرب ثمانية ولاة، تباينت سيرهم وعلاقتهم بسكان البلاد، الأمازيغ.
دخل الأمازيغ الإسلام في أغلبهم وصاروا يشتركون في المعارك التي يخوضها جيش المسلمين، إلا أن علاقتهم بدمشق ظلت متوترة في أكثر الأوقات، بسبب سياسة الولاة الأمويين. رغم ذلك، ظلوا، كما ينقل الطبري في تاريخه، «من أسمع أهل البلدان وأطوعهم»، قبل أن تنفجر ثائرتهم سنة 740م/122هـ، في ثورة شاملة دامت ثلاث سنوات، فصلت المغرب، وإلى غير رجعة، عن الخلافة الإسلامية في المشرق، ودقت مسمارا جديدا في نعش الخلافة الأموية التي لم تستطع الاستمرار سوى سنوات قليلة، حتى دهمتها الرايات السود من خراسان (رايات العباسيين). ثورة أشعلها أمازيغي باسم عربي، ميسرة المطغري، لم يكتب له أن يبقى حيا ليشهد نجاح الثورة، بعد أن قتله رفاقه في منتصف الطريق.

نبدة عن شخصية
كان ميسرة المطغري شيخ قبيلته والمقدم فيها، وهي قبيلة مدغرة أو مطغرة، بطن من قبيلة مكناسة إحدى بطون زناتة. قام عبيدة السلمي بتولية أربعة ولات على الأندلس (حيث كانت ولاية الأندلس تابعة لولاية المغرب) وفي عهد هشام بن عبد الملك عزله وولى بدلاً منه عبيد الله بن الحبحاب السلمي الذي كان جائراً مع الأمازيغ مما أدى إلى قيام الثورات في المغرب. فأرسل الأمازيغ ميسرة المضغري على رأس وفد إلى الشام لمقابلة الخليفة هشام بن عبد الملك والشكاية له عن مايحدث لهم من طرف الولاة، كان وزير هشام بن عبد الملك هو الأبرش الكلابيفمنعهم من مقابلة الخليفة. غضب الوفد مع ميسرة وعادوا إلى شمال أفريقيا وأعلنوا الثورة وقتلوا والي هشام بن عبد الملك على طنجة واتبعوا دعوة الخوارج الصفرية وتولى أمرهم ميسرة واحكم قبضته على بلاد الأمازيغ.
مصادر
يقول ابن خلدون في كتابه تاريخ ابن خلدون


يقول ابن عذاري في كتابه البيان المُغْرِب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب


وبعد أن قتل الأمازيغ خليفتهم ميسرة المضغري بايع الأمازيغ على أنفسهم الخليفة خالد بن حميد الزناتي الذي هزم الأمويين وطرد العرب من المغرب وغرب الجزائر إلى الشرق. وتفرق أتباع ميسرة في شتى بلاد المغرب منهم طريف بن ملوك وابنه صالح بن طريف الذين أنشؤوا دولة لهم في تامسنا. قبل ظهور المرابطون كإمبراطورية وحدة المغرب و جزء كبير من إفريقيا و الأندلس, حكم بلاد المغرب الأقصى عدة دويلات أو تجمعات قبلية، أبرزها أربع شوكات قوية لها وزنها:
برغواطة وغمارة ومغراوة في الوسط والشمال وطوائف من الشيعة البجلية والملتمين (قبيلة لمتونة) في الجنوب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق