الخميس، 5 نوفمبر 2015

المقاربة التاريخيّة للشّخصيّات الدّينيّة: محمّد


كتابة: ألفريد-لويس دو بريمار Alfred-Louis de Prémare  وترجمة : ناصر بن رجب
المصدر في موقع الأوان
هذا النص هو مداخلة "دو بريمار" أمام مدرّسين فرنسيّين*

تصطدم المقاربة التاريخيّة لشخصيّة محمّد وسيرته بعقبة كأداء هي صعوبة معالجة المصادر المُتاحة. كمثال لهذه الصعوبة، سأستشهد بمؤرّخ بدايات الإسلام مكسيم رودنسون، مرّتين متتاليتين، بما قاله في غضون سنتين. إليكم ما قاله عام 1961 في مدخل كتابه محمّد : "كتابة سيرة محمّد فقط من خلال وقائع لا شكّ فيها، وبدقّة رياضية، ستُختزل إلى بضع صفحات ذات جفاف مُريع. إلا أنّه من الممكن إعطاء صورة قابلة للتصديق، وأحيانا قابلة جدّا للتصديق عن حياة محمّد. ولكن يجب لذلك استخدام معطيات لمصادر لا نملك إلا ضمانات ضئيلة على مصداقيتها"(1).
بعد سنتين، عام 1963، في مقال غنيّ جدّا قدّم فيه "حصيلة الدراسات المحمّديّة"، اعتبر رودنسون أن القرآن، على صعوبة استخدامه، هو "من بين مصادر سيرة محمّد، المصدر الوحيد الذي يمكن تقريبا الإعتماد عليه كلّية"(2).

هذان الإستشهادان، المتضاربان بعض الشيء، يحثّاننا على معالجة الوضع الفكري الذي نجد أنفسنا فيه بخصوص سيرة مُمكنة لمؤسِّس الإسلام، أو على الأقل بخصوص عرضٍ تقريبي لشخصيّته. 

هل القرآن "هو المصدر الوحيد المضمون تقريبا" لكتابة سيرة محمّد؟
عندما يصرّح رودنسون بهذا عن القرآن فإنّه يُعبّر عن نوع من إجماع مؤرّخي بدايات الإسلام الذين سبقونا. إلى زمن غير بعيد، اعتمد هذا الإجماع على يقين أنّهم مع القرآن، يتعاملون مع وثيقة قديمة تشهد على دعوة محمّد، وأنّها دُوِّنت بعد موت المؤسِّس (632) بفترة وجيزة أثناء خلافة عثمان (644-656). قاعدة الإنطلاق هذه كانت قد عزّزتها البحوث التاريخية-النقدية للمستشرقين الألمان من مدرسة نولدكه في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين(3).

ولكنّ هذا اليقين زعزعه منذ ذلك الوقت عدّة باحثين. من جهة، الجزم بأنّ القرآن بكامله بشّر به محمّد لا نجده إلاّ في المصادر الإسلامية المتأخّرة والأُحاديّة الجانب. ومن ناحية أخرى، دراسة القرآن نفسه تدلّنا على أنّ هذا الكتاب هو مجموعة نصوص، مزيج من تقاليد جزئيّة ومتنافرة غالبا، بعضها قد يكون قديما ولكن بعضها الآخر يحمل بَصْمة تاريخ تحريره الذي يعود إلى فترة ما بعد خلافة عثمان بكثير.

فيما يخصّني، عندما أقرأ القرآن، أستغرب كيف أمكن اعتباره بمثابة الأساس الوحيد "المضمون تقريبا" لكتابة سيرة مؤسِّس الإسلام. بالفعل، القرآن لا يقدّم نفسه أبدًا كوثيقة تاريخيّة- سردية. فهو لا يروي شيئا عن محمّد أو عن أحداث بداية الإسلام، ما عدا بعض النُتف التلميحيّة المحض. هذا الأساس الذي اعتُبر "مضمونا" يبدو لي مشكوكا فيه عندما يكون المقصود تاريخا، وخاصة "سيرةً" حيث يكون المطلوب "كتابة قصّة حياة" وتقديم شخصيتها المركزية. سأذكر بعض الأمثلة فقط لهذا الطابع الإشكالي وذلك لتعذّر إمكانية الذهاب إلى ما هو أبعد في الإطار المحدود لهذا العرض. ولكن هذه الأمثلة تبقى مع ذلك دلاّلة.

إسم محمّد لا يظهر في القرآن إلا أربع مرّات(4) : مرّتيْن لتأكيد أنّه رسول الله، ومرّة ليقول أنّ القرآن "أُنزل" عليه، ومرّة ليقول عنه، في سياق يخصّ التلميح إلى إحدى زيجاته المُثيرة للجدل، بأنّه خاتم الأنبياء. بل هي الحالة الوحيدة التي يظهر فيها، إلى جانب محمّد، اسم زيد أحد أصحابه. ما عدا زيدا هذا، القرآن لا يقول شيئا عن "كبار الصحابة" التاريخيين المذكورين في كلّ روايات السيرة إلى جانب محمّد كما لو كانوا شُركاءه في التأسيس : أبو بكر، عمر، عثمان، علي، وآخرون كثيرون. ولا شيء عن من كانوا يكتبون له، وعن المقرّبين إليه، … إلخ. أُشيرَ مرارا لبعض زوجاته ولكن بصورة جدّ ملتوية ودون إعطاء أيّ اسم. إذا كان لا بدّ لنا من الإعتماد على القرآن وحده، فربّما نكون عاجزين عن معرفة مَن هو المقصود وخاصّة ما هو المقصود.

لا يظهر اسم مكّة إلا مرّة واحدة في القرآن (سورة 48، الآية 23) بصدد حدث مّا، إذا ما تقيّدنا بالنصّ، لن نفهم ما هو هذا الحدث. واسم قريش يظهر مرّة فقط في نصّ صغير قديم ومبتور، يَصعب تنزيله في سياق دقيق، وليس فيه حتى الإشارة إلى أنّ المقصود هي القبيلة التي ينتمي إليها محمّد وأهمّ الصحابة المؤسِّسين؛ هذا النص المؤلف من بضعة سطور، الذي تتألّف منه حاليا السورة 106، أسال كثيرا من الحبر والخيال من أجل إيجاد تفسير ممكن له. لا يظهر في المصحف أي إسم لقبيلة من الحجاز. فإذن لن يكون بإمكاننا بالقرآن معرفة بعض عناصر المحيط الإجتماعي والتاريخي الهامّة الذي وُلد فيه الإسلام ولا حتّى بعض المعطيات الوثيقة حول شخصيّة مؤسِّسه.

لدينا تلميحان لغزوتين : غزوة بدر، مرّة واحدة (آل عمران، آية 123)؛ ويوم حُنين، مرّة واحدة (التوبة، آية 25)؛ وفي كلّ مرّة ليقول القرآن أن الله نصر المسلمين. كلّ هذا على مستوى المعلومة، هو بالأحرى هزيل مقارنة بالتفاصيل الغزيرة اللاّحقة في الأدبيات الإسلامية عن غزوة بدر مثلا : إنّها الملحمة الإسلامية بامتياز التي سترسم تفسيراتها المتأخِّرة الإطار الذي عُرِّفت فيه تشريعات تقسيم الغنائم.

إسم دار الهجرة، يثرب(5) (المدينة فيما بعد)، يظهر مرّة واحدة في القرآن (الأحزاب، الآيتان 13-14)، وعلى ما يبدو في سياق شقاق وحرب، ولكنّ الإشارة إليها كانت محض تلميح. وهذا قليل جدّا عندما نعرف، زيادة عن ذلك، أهمّية الهجرة إلى يثرب، والتي كانت العام الأول للتّاريخ الإسلامي. إسم المدينة يظهر على الأرجح ثلاث مرّات إذا كان المقصود به مدينة الرسول، أي يثرب، إذ أنّ الإشارات إليها في كلّ مرة هي إشارات تلميحية صِرف، دونما أدنى توضيح عن السياق. فإذا كانت الكلمة تعني مدينة، يمكننا أيضا أن نتساءل أحيانا عمّا إذا كان المقصود هو المدينة أيّام محمّد ؟ (سورة 33، آية 60؛ سورة 9، آية 101 وآية 120).

في الواقع، الأقطاب التاريخية، والجغرافيّة والإجتماعية، التي نُقدِّر أنّها أساسية لكتابة سيرة محمّد، تُختَزل في هذا الذي سبق ذكره، وهذا قليل جدّا.

زيادة على ذلك، إذا ما تصفّحنا النصوص التي تُلمِّح إلى حادث مّا أو إلى جدالات، فإنّنا نخرج من ذلك عموما بالسؤال التالي : مَن يُخاطب مَن، عمّن أو عمّ، وفي أيّ ظروف زمنيّة ومكانيّة؟ فلا يوجد أي إطار قصصي، حتّى ولو كان وهميّا، يمكنه مساعدتنا على أن نرى في موضوعنا بوضوح أكثر. من هم "بنو إسرائيل؟" هل هم بنو إسرائيل الزمن القديم أم بنو إسرائيل بدايات الإسلام؟ وفي أي وقت من هذه البدايات؟ اليهود، والنصارى، والمنافقون: من هم، متى وُجدوا وأين وُجدوا؟ "قال الكافرون": مَن هم هؤلاء الكافرون؟، إلخ. ستسعى كتب التفسير إلى إعادة تركيب إطار تاريخي-قصصي لكلّ واحد من هذه التلميحات. ولكنّ هذه التفاسير لن تبدأ في الظهور إلى النور وتغادر ميدان النقل الشفوي، الذي من الصعب ضبطه، إلاّ بعد قرابة مائة عام بعد وفاة المؤسِّس(6)، وستكون هذه التفاسير في الغالب متناقضة. سأتحدّث عن ذلك بعد قليل بخصوص "أسباب النزول".

قِلّة المصادر والمعطيات الوثائقية الخارجيّة عن مهد الإسلام:

المعطيات الخارجيّة الأركيولوجية والنقوش المتعلّقة بغرب الجزيرة العربية، أي الحجاز، في بداية القرن السابع الميلادي والتي يمكنها سدّ هذا الفقر وإعانتنا على تنزيل النصوص القرآنية في كلٍّ شامل، هي أيضا هزيلة.

هذه المعطيات موجودة بغزارة نسبية بخصوص اليمن إلى نهاية القرن السادس. نقوش جنوب الجزيرة العربية متوفّرة إلى غاية هذه الحقبة. وهي تدعم المعطيات التاريخية-الأخبارية التي يُقدّمها كُتّاب القرن السادس مثل "كتاب الحروب" لبروكوب Procope مُؤرّخ جوستينيان Justinien أحد أباطرة الإمبراطورية الرومانية الشّرقية (527-565). إضافة إلى ذلك، كان اليمن بلدا ذا مدنيّة حَضريّة قديمة. ولدينا عنها بقايا ومعطيات موثوقة : مثلا سدّ مأرب الشهير الذي أُقيم على وادي أذنة، وكذلك عن شهادات عن الأشغال التي أُنجزت لترميمه سنة 549 م في ظلّ حكم أبرهة، إذ أنّ مملكة اليمن كانت يومئذ تحت الحكم المسيحي : كلّ ذلك، زيادة إلى معطيات كثيرة أخرى، كُتبت في نصّ طويل منقوش على نُصب مأرب الشهير. ولكنّ هذا السّد، في زمن بدايات الإسلام، أي أكثر من سبعين سنة فيما بعد، لم يعد مُستعمَلا وزحفت عليه الصحراء. أشار مقطع قرآني إلى هذا السّد (سورة 34، الآيات 15-17) : رأى النّص القرآني في عوادي الزمن عقاب الله(7) على قوم سبأ الكافرين، وهي التسمية القديمة التي أطلقت على سكّان جنوب الجزيرة العربية إنطلاقا من إسم قبيلة سبأ المُهيمِنة. وكما هو معروف، كانت مملكة سبأ في جنوب الجزيرة سابقة للميلاد بعدّة قرون. إذن، فالقرآن لا يقدّم أيّة معلومة تاريخية عمّا كان محمّد قد رأى من بقايا هذه الآثار. كان غرض القرآن هو الإعلان عن عقاب الآخرة الذي أُعِدّ للكافرين. سبأ ومأرب هما مجرّد مثالين قديمين يتلاءمان مع هذا الإعلان، شأنهما شأن أمثلة عديدة أخرى عن شعوب قديمة خَلتْ.

بالمثل، نمتلك شهادات منقوشة وأدبيّة في وقت واحد عن انتشارِ ثمّ استقرارِ اليهودية في اليمن منذ القرن الرابع الميلادي. بواسطة المصادر الأدبية الإغريقية والسريانية، وبالرغم من عدم إمكانية القيام بحفريّات على عين المكان إلى حدّ الآن، نعرف استقرار المسيحية في واحة نجران الكبيرة، الزراعية والتجارية، شمال اليمن (توجد الآن في السعودية). وقد مكث فيها النصارى طويلا بعد انتشار الإسلام. وهكذا فإنّ الهستوريوغرافيا العربيّة ستأخذ على عاتقها، وبطريقتها الخاصّة، استئناف تدوين الأخبار. 

كلّ هذا يخصّ اليمن، ولكن على العموم بعيدا في الزمان والمكان. على كلّ حال، ليس لدينا مثل ذلك عن الحجاز، مهد الإسلام في بداية القرن السابع. حتّى الجاليات اليهودية الكبيرة التي استقرّت بين السكّان العرب في سلسلة الواحات، من يثرب حتّى الشمال على امتداد وادي القرى، لا نجد عنها أيّة وثيقة خارجيّة من أي نوع كان، ولا سبيل لنا لمعرفة هذه الجاليات إلاّ من خلال مصادر التاريخ الإسلامي الديني. ويجب أيضا ملاحظة الصمت المطبق للمصادر التلمودية عن هذه الجاليات. كنّا نأمل أنّ تتحدّث عنها، مثلا في ملاحظات عن رَبّانيّين شاركوا في شُعب التعليم؛ ولكن لا شيء عن ذلك، ولا شيء أيضا وخصوصا عن الإستيطان اليهودي القديم في اليمن، والحال أن هذا الإستيطان أثبتته وثائق منقوشة. في الواقع، يبدو أن يهود الحجاز، في القرن السابع، لا وجود لهم إلاّ في مرآة التاريخ الإسلامي الديني. فهل يعني هذا أنهم لم يوجدوا؟ بالعكس. ولكن هل تعطينا عنهم المصادر الإسلامية معلومات تتطابق مع الواقع؟ هنا يكمن السؤال، والذي يمثّل حاليا موضوع دراسات مُعمَّقة(8).

وأخيرا، لا نمتلك أيّة وثيقة أركيولوجية عن الديانات التقليدية لعرب الحجاز التي قد نصفها "بالوثنيّة". لدينا وثائق أركيولوجية داخل الجزيرة العربية، في قرية الفاو، ولكن بخصوص حقبة سابقة، بين القرنين الثاني والخامس، بفارق قرن ونصف بين آخر هذه المعطيات الأركيولوجية وبداية الإسلام في الحجاز. لمعرفة ما قد كانَتْه طبيعة "الوثنية العربية" في الحجاز على زمن محمّد، لا مفرّ لنا إلاّ من الإلتجاء إلى الأدبيات التراثية الإسلامية المتأخِّرة عن الأصنام التي كانت تُعبَد في تلك الحقبة. هذه المواد لا تخلو من أهمّية. غير أن كتابا حديثا لجيرالد هاوتينغ(9) Gerald R. Hawting يُظهر إلى أية درجة أنّ هذه المعطيات عن الأصنام، التي اُعتبرت موثوقة لمدّة طويلة، تخضع إلى حدّ بعيد هي أيضا للتّفسير القرآني أو المنظور التقريظي "للتاريخ المقدس" للإسلام، إلى درجة أنّنا لا نعرف حقّا إلى أيّ صنف من "الوثنيّين" كانت دعوة محمّد الأولى في مكّة قد توجّهت بالخطاب، ولا أيضا في أي وقت خاطب القرآن وثنيّين. من هم، مثلا، الذين خاطبهم القرآن عندما تحدّث عن "المشركين"، هل هم أولئك الذين يُشركون مع لله إلها آخر، فهم إذن، مبدئيّا، وثنيّون؟ يصعب علينا معرفة ذلك لا سيما وأنّ اليهود والنصارى يُصنَّفون هم أنفسهم أكثر من مرّة، في السِجال القرآني، كـ "مشركين" و "كافرين". كما يصعب علينا أكثر معرفة ذلك أيضا إذا لاحظنا أنّ تهمة "الشرك" و "الكفر" كثيرا ما وجِّهت، في قرون الإسلام الأولى، من مسلمين ضدّ مسلمين آخرين، عندما كانوا يتساجلون في أفكارهم السياسية والدينية. يمكننا الإعتقاد بأنّ "الوثنية" كانت ما تزال موجودة بدون شكّ في زمن محمّد. ولكن ما هي هذه "الوثنية"؟ يجب ولا شكّ الإنتظار طويلا قبل أن تُصبح الحفريات الأركيولوجية مسموحا بها في مكّة، والمدينة وفي كلّ الحجاز، حتّى يتسنّى إذن للتّاريخ أن يقول في هذا الموضوع كلمة ثابتة بعض الشيء. حاليّا، لا نستطيع إلا تقديم فرضيات مُسقطين على الحجاز معطيات وثيقة عن مناطق تقع بعيدا في الشمال مثل النقب أو السهوب السورية-الأردنية. 

الأدبيّات الإسلامية التراثية، غزيرة، متأخِّرة، وتأويليّة:

في الواقع، كلّ "سيَر محمّد" التي رأت النور منذ نصف القرن التاسع عشر حتّى الآن اعتمدت على الأدبيّات الإسلامية التراثية. وهذا التراث غزير مقارنة مع هُزال المعطيات الخارجيّة : المقصود هنا هو الحديث، والسيرة، وتفسير الرواية المسمّى "أسباب النزول".

أصبح "الحديث" إسم نوع nom générique يُستخدم للإشارة لكتب السنن الضخمة التي تروي أقوال، وأفعال وتقارير محمّد والتي بدأ تأليفها بداية من القرن الثامن وبالأحرى في النصف الثاني منه أكثر من النصف الأول. كُتُب الصحاح corpus canoniques تعود إلى القرن التاسع. فهي إذن مُؤلَّفات متأخِّرة تُرتّب وتُنظِّم بعض مجموعات الحديث السابقة لها مع توسيعها وإضافة معطيات جديدة لها الكثير منها منحول بشهادة العلماء المسلمين القدامى أنفسهم. زيادة على ذلك، هذه المؤلّفات تتطابق مع مشروع إسلاميّ خاصّ : محمّد "أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" (سورة 33، آية 21) : كلّ واحد من هذه الأقوال، والأفعال والتقارير، وحتّى الصمت، له قيمة الأمر والنّهي normative لأمّة المؤمنين المسلمين. هؤلاء المسلمون عرفوا، في الأزمنة التي كانت تُدوَّن فيها هذه المؤلّفات، توسّعا عسكريّا سريعا في بلدان الشرق الأوسط، وفي مصر، ثمّ في المغرب العربي وفي الأندلس. بداية من القرن الثامن، بدأت الأمّة الإسلامية تدوّن شعائرها الدينية، وقوانينها الإجتماعية، والسياسية، والحربية، وعلاقاتها مع غير المسلمين في دولة الخلافة، إلخ. في المحصلة النهائية، كانت تُعرِّف سُنّتها، أو بالأحرى وخاصّة "سُنَّتها الحميدة" orthopraxie، أي السلوك النموذجي المسموح به والمُؤسَّس على الأسْوة النبوية الحسنة، ومن هنا جاء اسم "سُنّي". الشخصيّة، والأقوال، والأفعال، والتقارير التي تُنسب للنّبي تُؤدّي وظيفة النموذج الذي يُحتذى. فالنبيّ، وهو "الأسوة الحسنة"، كان قدوة ورمزا أُسقِط على ماضٍ قدَّم نفسه كحقيقة تاريخية. لا شكّ، أنّ بعض عناصر هذا السلوك النموذجي يضرب بجذوره في حقبة الإسلام الأولى. غير أنّ كُتلة هائلة منها تتجذّر في حقب أخرى متأخّرة جدّا. إذن، لإصباغ الشرعية على حكم فقهي، أو موعظة حسنة، أو لباس، أو ممارسة شعائرية أو غذائية، أو سلوك إجتماعي أو عائلي، عندئذ توجد دائما رواية جاهزة، قصّة مُستمدّة من السيرة حيث تضع محمّد في المقدّمة لتقول : في هذا الظرف أو ذاك، مع هذا الصحابي أو ذاك، أمر رسول الله بكذا أو شوهِد وهو يفعل كذا. فمن هذا المنظور وفي جزء كبير منها رُكِّبت شيئا فشيئا "سيرة" النبيّ في المصادر الإسلامية. 

سيرة النبيّ الإسلاميّة:

بالفعل، كثير من الأحاديث الخاصّة، دائما بداية من القرن الثامن، وقع تجميعها لتكوّن سيرة نبيّ الإسلام حسب الترتيب الزمني. النواة الأولى لهذه التجميعات تشكّلت حول روايات "مغازي رسول الله". بداية من القرن الثامن، كان يُقال عن هذا الراوي أو ذلك لهذا الصنف من الأحاديث، أنّه قد جمع "مغازي" رسول الله. كان يُقال عنه أنّه كان عالما بالمغازي، الملحمة المظفّرة لأزمنة الإسلام الأولى. إذن كانت"المغازي" هي إسم نوع لتسميّة هذا الصنف من الأدبيّات المُؤلَّفة من مجموعات جزئيّة من الروايات الحربية الواردة من مصادر شتّى. بداية من السنة الهجريّة الأولى كانت يثرب/المدينة هي الإطار الزمكاني، أمّا الروايات فكانت تخصّ الفتوحات الإسلامية داخل شبه الجزيرة العربية.

شيئا فشيئا أُضيفت إلى هذه المغازي عناصر أخرى من سيرة محمّد : آل بيته، مولده، طفولته ومراهقته(10)، مبعثه بالرسالة التي أتاه بها جبريل (كما حدث مع بعض أنبياء إسرائيل)، وكذلك دعوته الأولى بمكّة، وإيذاء قريش له (ذلك أنّ كلّ نبيّ يجب أن تؤذيه عشيرته)(11)، وأخيرا القطيعة مع مكّة ثمّ الهجرة، التي أرّخت للسّنة الأولى من تاريخ الإسلام. حينئذ يبدأ قسم المغازي. وفي الواقع، تدوين المغازي سبق الأجزاء الأخرى من السيرة.

أوّل من نظّم مجموعة أحاديث تمزج بين المغازي وسيرة نبيّ الإسلام كان ابن إسحاق (ت 767 م). قيل أنّه قام بذلك بطلب من الخليفة العباسي الثاني، أي بين 754 و 767، سنة وفاة ابن إسحاق. لكنّنا لا نمتلك أي كتاب لابن إسحاق نفسه. لا نعرف ما الذي كان يدرِّسه في هذا المضمار إلاّ من روايات تلاميذ تلاميذه : روايات كُتبت تحت إملائه أو نُقلت عنه شفويّا. وصلتنا ثلاث نسخ أساسية من هذه الروايات دُوّنت في القرن التاسع، وهي تحمل فيما بينها تغييرات كبيرة مع الحفاظ على شِيما schéma [مخطّط] مشترك. وُجدت منها نسخٌ أخرى أيضا نعثر على آثارها هنا وهناك في كتب التاريخ اللاّحقة لكن دون أن تصلنا على هيئة نسخ كاملة. النسخة المعروفة أكثر، والتي ستصبح تقريبا النّسخة المنزَّلَة لسيرة النبيّ، هي رواية ابن هشام. قام ابن هشام في القرن التاسع، بإعادة تنظيم واحدة من النسخ التي صدرت عن تلاميذ ابن إسحاق وسمّاها "سيرة" بعد أن حذف منها، وأضاف إليها، وصحّحها وهذّبها. وُجدت مصادر أخرى من النوع نفسه، خاصة الجزء الأول من طبقات ابن سعد (توفي في بغداد سنة 845)، أو كتاب الواقدي (توفي في بغداد سنة 823) الذي تناول أساسا المغازي.

انطلاقا من كتب السيرة التقليدية، ألّف كاتب إنجليزي معاصر، مارتين لينغس(12) Martin Lings، سيرة النبيّ حسب "أقدم المصادر" كما قال. "أقدم المصادر" إيّاها تعود إلى نهاية القرن الثامن وخصوصا إلى القرن التاسع. لدينا في هذا الكتاب انعكاسا مهمّا لما يمكن أن يكون عليه هذا النوع الأدبي للسّيرة النبويّة، مع الملاحظة أنّ سيرة مارتين لينغس هي ترتيب جديد لمصادر متأخِّرة نُسِّقت، فهي إذن سيرة جديدة بالنهاية دون أدنى هَمّ نقدي.

مجموعة من معطيات السيرة النبويّة تتألّف ممّا يُسمّى "أسباب النزول". هذه المعطيات أساسها تفسير الرواية exégèse narrative. القرآن هو مجموعة من النصوص، والإشارات التاريخية النادرة فيه، كما لاحظنا ذلك، كانت تلميحا لا تصريحا: لا وجود لأيّ إطار روائي يحدّد ما المقصود ولا مَنِ المقصود. كان المطلوب إذن تقديم الإطار الروائي الذي ينقص النصوص القرآنية؛ ولكي يمكن القول أنّ هذه الآية وهذا المقطع وهذه السورة "نزلت" على النّبيّ في هذا الظرف أو ذاك.

بعثة محمّد نموذجا:

واحد من الأمثلة النموذجيّة لأسباب النزول هو تكليف جبريل محمّدا بتبليغ الرسالة. المشكل الذي طرحته الروايات بخصوص هذا الموضوع كان التّالي : ما هي أولى السّور التي "أُنزلت" على النّبي وما هو الحدث الذي كان السبب في بعثته؟ وبما أنّ القرآن لا يقول أيّ شيء عن ذلك، فقد قُدِّمت عدّة مقترحات. أعرف ثلاثة منها على الأقلّ. وإذا أضفنا إليها قول بعض العلماء القدامى في اختيارهم "الله أعلم"، تصبح أربعة مقترحات. رواية واحدة توصّلت إلى فرض نفسها بين أهل السنّة والجماعة orthodoxie sunnite : أوّل سورة أنزلت هي السورة 96 (العلق) أو على الأقل، كما يقول أكثر المحترسين، آياتها الخمس الأولى. وهكذا نجد إذن، لهذه الآيات، رواية-إطارا منسوبة لمحمّد يحكي فيها بنفسه الحادثة، ونُسب نقل هذه الرواية إلى عائشة. إنّها قصّة غار حراء ذائعة الصيت التي اشتهرت إلى درجة أنّها أخذت لها مكانا في بعض كتبنا المدرسية للصّف الخامس (إعدادي)(13). أحيانا نجد فيها حتّى تاريخ الحادثة بالضّبط : سنة 610 : أتى جبريل بالسورة إلى محمّد عندما كان هذا الأخير يتعبّد في غار حراء وقال له ثلاثا : "إقرأ!" وهي الكلمة الأولى من السورة، فكان في كلّ مرّة يجيبه "ما أنا بقارئ؟" أو "ما أقرأ؟"، … إلخ.

بالرّغم من أنّ الرواية مرفوعة إلى النّبي نفسه عن طريق عائشة، فإنّها كُتبت بعد الحادثة بزمن طويل بل وحتى بعد موت مؤسِّس الإسلام بزمن بعيد : هناك إذن فجوة زمنيّة. يُضاف إلى ذلك أنّها قصّة مُركّبة، أي تحرير أدبيّ أُنجِز إنطلاقا من عناصر متنافرة. نعثر في مختلف كتب الحديث عن كلّ واحد من هذه العناصر منفصلا ومعزولا، أحيانا حتّى دون ذكر عائشة كمصدر للخبر. أو نجد صدى لها في روايات مركّبة ومرتّبة بصورة مختلفة، ولكنّها لا تتّفق مع الرواية المنسوبة لعائشة : لا ذكر فيها لغار حراء، والمقصود هو سورة أخرى غير سورة العلق (96).

أخيرا، يمكننا ملاحظة أنّ هذه الرواية-الإطار مُستوحاة مباشرة من مقطع من الكتاب المقدّس، فقد جاء في سفر إشعيا (40، 6) : "صوت قال : اقرأ، فقلتُ : ماذا أقرأ؟"."Une voix dit : "Proclame!", et je dis : "Que proclamerai-je?".

هذه القصّة التي أصبحت معتمدة، هي إذن نتاج لتأليف مُلفَّق. فقد أخذت نموذجها من الكتاب المقدس، وذلك انطلاقا من إنتخاب من معطيات متنافرة قام به الرواة المسلمون، فانتظمت في علم غدا محلّ إجماعٍ بين المسلمين وغدا بدوره "عقيدة".

كنّا نأمل، تبرئة لذمّتنا، لو أن خبرا أو تلميحا لغار حراء قد ذُكر في القرآن، أو على الأقل في سورة العلق ذاتها. لكنّ ذلك لم يحدث، ولا حتى في باقي السور الأخرى. المقصود إذن هو رواية عَرَضيّة من نوعٍ أدبي لأسباب النزول قائمة على "قالوا" في القرن الثامن والقرن التاسع، وإقصاء روايات "قالوا" أخرى. لا شيء من ذلك مذكور حتى في أقدم التفاسير التي وصلتنا كاملة، مثل تفسير مُقاتل (ت 765) : قدّم لنا هذا الأخير، بالنسبة للآيات الخمسة من سورة العلق أسباب نزول أخرى مختلفة تماما في إطار سجالي يُظهر مشهد أحد أعمام(14) النّبي المعادي لدعوة ابن أخيه. في كل مرة يُقدّم أبو لهب اعتراضا على القرآن، تنزل آية لتكذيبه.

في الواقع، ما يسمّى "سيرة محمّد" تظهر عليها بوضوح آثار أسباب النزول. وهذا ما أشار إليه بلاشير سنة 1952 في كتابه "مشكل محمّد" : "جوهر السيرة تلميحات أو تصريحات تضمّنها القرآن، بيد أن ذلك مع التصحيح التالي ألا وهو أن هذا الجوهر ليس دائما مُتماثلا ولا دائما قطعيّا، إلى درجة أن التفاسير الشفوية التي اعتمدت عليه تختلف أيضا عنه شكلا ومضمونا، حسب تاريخ المقاطع القرآنية المذكورة"(15).

قد تكون السيرة إذن ضربا من مدراش كبير grand midrash على غرار تفاسير الرواية للتراث التفسيري اليهودي للنّص التوراتي. وعلى أية حال تريد السيرة أن تُعطي "معنى"، وعلى "التاريخ" أن يرضخ لهذا المعنى. السيرة ليست إذن وثيقة تاريخية بأتمّ معنى الكلمة، بل في أحسن الأحوال كانت تاريخا تمّ تأويله؛ إنّه تاريخ "النجاة الإسلامية" كما قال الباحث الإنجليزي جون وينسبروه(16) J. Wansbrough مؤخّرا. 
ماذا عسانا نفعل بهذه الموادّ؟

من خلال معرفة طبيعة هذه المواد، ومنظور ومشروع مؤلِّفيها، ومَن تلقّوا الأعمال والروايات المختلفة التي تضمّنتها، ومعرفة حتّى السياق التاريخي للقرنين الثامن والتاسع في الشرق الأوسط، نستطيع أن نستخرج من هذه المواد، على الأقل وقبل كل شيء، المدلولات التي أعطاها المسلمون لتاريخهم بداية من القرن الثامن إلى اليوم. تاريخيّة historicité الأحداث المرويّة هي ولا شكّ غير مُؤكّدة؛ ولكنّ المروي ذو قيمة رمزية للأمّة التي تلقّته وبلّغته.

إحدى المدلولات الأساسية تخصّ النبي محمّد على اعتباره "الأسوة الحسنة". الغوص في الحديث بخصوص هذا الموضوع، سواء أكانت أحاديث متفرّقة، مغازي، سيرة، أسباب نزول، يُعطينا صورة عن تغلغل هذا النموذج إلى يومنا هذا في الفكر والتعليم الدينيين، إذن عند عدد من تلاميذنا المسلمين الذين يتابعون هذا التعليم. لا يسعني إلاّ أن أحثّ الأساتذة على أن يقوموا بهذا الغوص بأنفسهم، ولكن ليس داخل المنتخبات التي طُهِّرت expurgés والتقريضيّة المرصودة خصّيصا لاستخدام الغربيّين. يجب البحث في هذه المصادر نفسها من أجل معرفة طبيعة هذا النموذج وفهم سبب قطيعته مع الواقع تماما بالقياس إلى تعليم يدّعي أنّه علمانيّ، وهذا الغوص صعب. ولكنّه ممكن(17). عدم قيام المُدرِّس بذلك على الأقل لخاصّة نفسه، يجعل الفجوة وسوء الفهم يزدادان باستمرار. وفي السياق الراهن، يوشك ذلك أن يصبح خطيرا.

هنا إذن مسألة أولى، من المهمّ جدّا إدراكها، إذا ما أردنا معرفة عالم الفكر الذي تتنزّل فيه ثقافة المسلمين الدينية إلى يومنا هذا. هذه الأخيرة قلّما مسّها المنظور "النقدي" المُطبّق على التراث الديني المعروف أكثر لدينا. ما عدا بعض الإستثناءات القليلة، فإنّ الخيط الأحمر "للدراسة النقدية" للقرآن لم يقع تجاوزه أبدا، حتى من جامعيّين يُعتبرون ذوي ثقافة عصريّة(18). "لا يمكننا أن ننقُد الله"(19)، كما قالت لي طالبة، مُتلاعبة بغموض كلمة "نقد". 

هل التراث التقليدي خالٍ من المعلومات التاريخيّة؟

هذه هي المسألة المهمّة الثانية التي يجب أن نطرحها على أنفسنا بصدد مواد التراث التقليدية. من المفيد طبعا أن نتذكر خاتمة ليوني كايتاني Leone Caetani المستشرق الإيطالي في بداية القرن الماضي. كان هذا الأخير مؤلِّف موسوعة نصوص ضخمة في 10 مجلّدات نُشرت بين 1905 و 1926 تحت عنوان "حوليات الإسلام : مجموعة نصوص من الأدبيات التاريخو-بيوغرافية الإسلامية التقليدية عن بدايات الإسلام، تُرجمت، ونُقدت وعُلّق عليها"(20). في نهاية مساره العلمي، استخلص كيتاني "الخاتمة المتشائمة بأنّنا لا نستطيع أن نجد تقريبا أي شيء حقيقي عن محمّد في التراث، وبإمكاننا اعتبار جميع المواد التقليدية التي بحوزتنا منحولة ونُزيحها جانبا".

ومع ذلك، فإنّ هذه الخاتمة مبالغ فيها. فهل يمكن القول حقّا أن هذه المواد التقليدية خالية من كلّ معلومة حقيقية؟ لا أعتقد ذلك. وبالمثل، القرآن، على الطريقة الخاصة به، ليس خاليا من المعلومات. ولكن يجب أن نتعلّم كيف نقرأه، وهذا لا سبيل إليه بمجرّد الإعتماد على استشهادات. خلف كلّ هذه الكتلة الهائلة من الروايات والأخبار، توجد معلومات يمكن استخراجها. فهنا بالضّبط على عمل المؤرِّخ أن يجد مكانه، وكذلك عمل الناقد الأدبي، وأيضا عمل الفقيه.

فيما يخصّ التاريخ، يمكننا، انطلاقا من موادّ أدب السيرة الإسلامي الكلاسيكي حول محمّد وبدايات الإسلام، استخراج بعض المعطيات الوثيقة نسبيّا. يرى عديد من الباحثين المعاصرين، أن هذه المعطيات توجد خاصّة في قسم "المغازي" الذي يتعلّق ببدايات الإسلام في يثرب/المدينة، التي هي أقلّ غموضا ممّا يُطلق عليه "المرحلة المكيّة" من حياة المؤسِّس. ليس مصادفة، في نظري، أن المسلمين الأوائل اختاروا هم بأنفسهم تأسيس نواة الإسلام الأولى في يثرب كنقطة انطلاق لتأريخ عصرهم الخاص : السنة الأولى، بالنسبة لهم، لم تكن بعثة النبيّ من طرف الملاك جبريل، بقدر ما كانت الهجرة إلى يثرب. نمتلك أيضا، في المصادر الإسلامية، نسخة لنوع من وثيقة تأسيس مكتوبة تختلف بوضوح عن كثير من المعطيات الأخرى : إنّها صحيفة يثرب التي سمّاها سابقا المستشرقون تعسّفا بـ "دستور المدينة"(21). ومهما يكن من أمرِ النقاشات المُتبحّرة حول القيمة التاريخية لهذه "الوثيقة"، فهذه الأخيرة تعطي فكرة مقبولة عن أسس وروح هذا التأسيس الأول للإسلام، وعن دور المؤسِّس.

دراسات أخرى دقيقة أُجريت عن بعض الأحداث الخاصّة والتي توسّع فيها أدب المغازي الإسلامي(22). وقد توصّل التحليل في أكثر من مرّة إلى نتائج مُهمّة ومُقنِعة. بالتّأكيد، ما يتبقّى من هذا التحليل هو غالبا ذو "جفاف مُريع" كما قال مكسيم رودنسون، ولكنّ هذا الجفاف بالنهاية ليس مُريعا إلى هذه الدرجة بل هو نفيس وذو قيمة عالية للمؤرِّخ. يجب ببساطة القبول بالخروج من إطار "الرواية التاريخية" roman historique التي هي غالبا رواية سير محمّد المتداولة.

إلاّ أنّني أعتقد أنّه يجب علينا، لكي نفهم المعطيات التراثية، أن نخرج أيضا من الدائرة المغلقة للمصادر الإسلامية ونحاول تنزيل هذه الرواية التاريخية، التي غدت رمزا، في كلٍّ أكثر اتّساعا. 

المجال العربي في الشمال : سوريا-الأردن-شرق الأردن وبلاد الرافدين:

لا نملك عمليّا أيّ مُعطى خارجي، أركيولوجي أو نقشي، عن الحجاز في القرن السابع. بالمقابل، نمتلك نسبيّا وثائق أكثر حول ما أسمّيه المجال العربي في الشمال. المقصود هي مجموعات سكّانية عربية استقرّت منذ زمن طويل على تخوم صحاري الأردن وشرق الأردن وسوريا. المقصود هو كذلك السكان العرب الذين كانوا استقرّوا على طول ضفاف دجلة والفرات في العراق.

وكان لعرب هذه المناطق سُلطات سياسية عربية محلّية تُمثّلهم : في الغرب، الغساسنة حلفاء البزنطيّين، وملوك الحيرة في بلاد الرّافدين حلفاء الفرس. الوثائق الأدبيّة، بل والنقشية، جاءت خاصّة في المصادر السريانية، والإغريقية والفارسية، وحتى العربية أحيانا (مثلا، الرسوم الأولى بالخط العربي في القرن السادس، الرسوم العربية في النقب التي يعود بعضها إلى ما قبل بدايات الإسلام أو كان معاصرا لها … إلخ). علينا أن نعرف، ولو في خطوطها العريضة، هذه الخلفية التي هي في آن واحد سياسية، ودينية، وثقافية، ولغويّة لممالك الشمال العربية قبل الإسلام وفي بدايات الإسلام: إختيارات الملوك الغساسنة الدينية المونوفيزية(23) Monophysite؛ تعدّديّة التيارات الدينية المُمثَّلة داخل المملكة العربية لبلاد الرافدين (مانويون، نساطرة، يعاقبة)؛ العادات الدينية العربية القديمة لبعض ملوك الحيرة، ونصرانيّة بعضهم الآخر؛ تاريخ الخطّ العربي ما قبل الإسلام، مجالس ملوك العرب الأدبية؛ الشعر الجاهلي الذي هو مصدر أساسي لضبط قواعد اللغة العربية الكلاسيكية؛ العلاقات القارّة، عبر الطرق التجارية، بين المجال العربي في الشمال وقلب شبه الجزيرة العربية نفسها، إلخ. كلّ شيء يقول لنا، حتى في الأدبيات الإسلامية، على أن الحجاز لم يكن معزولا عن هذا الكلّ فقط بل أيضا كان متوجِّها ثقافيّا وتجاريّا نحو الشمال، كما كان متوجّها، من الناحية الأخرى، نحو الجنوب، نحو اليمن والحبشة.

وأخيرا، لا تنقصنا المعلومات الخارجية في الادبيّات الهستوريوغرافية عن الفتح العربي في الشرق الأدنى ومصر : كُتب التاريخ السريانية، والإغريقية والأرمنية والقبطية وأخبار الفتوح التي نجدها لاحقا في الهستوريوغرافيا المكتوبة باللغة العربية نفسها. كلّ واحد من هذه المصادر، في المنظور الخاص به، هو مهمّ إذا أردنا معرفة لا فقط الأحداث، بل أيضا الحالة الفكرية لتلك الشعوب، فيما يتعلق بالظاهرة الجديدة، ظاهرة التوسّع الظافر للعرب القادمين من الجنوب.

دراسة القرآن نفسه بإمكانها أن تستفيد فائدة كبرى من هذا الإنفتاح على الآفاق الرّحبة. سأقتصر هنا على التذكير بتاريخ بعض الكلمات، الذي هو دائما دلاّل على شيء مّا أكثر أهمّية من الكلمات نفسها. فهل بإمكاننا تجاهل، مثلا، بأنّ كلمات مهمّة ومؤسِّسة للمنظور الديني الإسلامي هي منحدرة من العبرية، والأرامية، والسورية-الأرامية المسمّاة بالسريانية، بل وأيضا من الإثيوبية والفارسية؟ هي كلمات، بالتأكيد، ولكنّها ذات أهمية فائقة : قرآن، صلاة، سورة، جنّة أو فردوس … إلخ. كلمة مصحف التي ستُستخدَم لتسميّة القرآن هي كلمة حبشيّة، وقد فهمها كما هي اللّغويون العرب القدامى(24)، مثل كلمات أخرى كثيرة من تلك التي سمّوها "ألفاظ القرآن المعرّبة". كلمة طور (جبل) هي كلمة سريانيّة، وبها افتُتحت سورتان (95، 56) في شكل قَسَم يشير على التوالي إلى سيناء وجبل الهيكل في القدس. وكلمة سَفَره (كُتّاب) التي تشير إلى أصحاب الكتب القديمة السابقة هي تعريب لكلمة سوفيريم اليهوديّة (سورة 80، آية 15). الكلمات ليست إلاّ علامات. عندما ندرس القرآن، نرى بأن هذه العلامات تشير إلى أشياء أكثر أهمّية منها، هو أنّها تُنزِّل جيّدا ميلاد الإسلام في سياق زمكاني مُوسَّع وليس في منطقة صغيرة قد يمكن اعتبارها ضائعة أو معزولة في غرب شبه الجزيرة العربية.

ذلك يعني أنّنا إذا كانت لنا أسباب تدعونا للحذر، على المستوى التاريخي بالمعنى الحصري للكلمة، من "سيرة لمحمّد" تعتمد فقط على ما تقوله لنا المصادر الإسلامية التقليدية، فلا تنقصنا أدوات التحليل لتنزيل هذه السيرة نفسها، وتنزيل بدايات الإسلام وتدوين نصوصه في الزمان والمكان الأكثر إتّساعا للشرق الأدنى في القرن السادس، والسابع، والثامن الميلادي. 

خاتمة:

فيما يتعلق بتعليم "الواقعة الدينية" Le fait religieux الإسلامية في بداياتها، فإن التركيز على سيرة محمّد يوشك أن يدفعنا مجدّدا على نحو لا مفرّ منه إلى الكاتيشيزم catéchisme (التربية الدينية)، مع كلّ مخاطر المواجهات مع تلامذة تكوّنوا بهذا الكاتيشيزم ومدرِّسين قد يزعمون إعطاءهم كلمة "التاريخ" الأخيرة في هذا الموضوع.

لا أدّعي أنّني أعرف ما ينبغي قوله عمليّا في فصلٍ يوجد فيه تلامذة مسلمون. لكن يتراءى لي أنّ ما يمكن لنا أن نفعله عند الإقتضاء كي نقترح على الأساتذة، بخصوص تدريس هذه المواد، من أدوات تعليم ملائمة التي، بمساعدتها لهم على الخروج من الخطابات المتعارف عليها المليئة "بالنوايا الحسنة"، تضعهم في ديناميّة بحث فكري انطلاقا من معلومات دقيقة. ما أريد أن أقوله ختاما، سيكون إذن متمحورا على اكتساب المدرّسين لمعرفةٍ جيّدة للمواضيع التي عالجناها خلال هذا العرض. ينبغي، في نظري، على هذه المعرفة أن تتركّز على نقطتين جوهريّتين.

أولا، الغوص، الذي أشرنا إلى ضرورته قبل قليل، في العالم الخاص للمصادر الإسلامية التراثية المُفسِّرة لتاريخ الإسلام البدائي؛ خاصّة عندما تعود إلى "القدوة الحسنة" التي تمثّلها في نظرها شخصيّة محمّد. في الواقع، هذه المراجع لم تَفقِد شيئا من وقعها اليوم. ينبغي إذن معرفتها، في حدّ ذاتها أوّلا، وبالنتيجة، كي نعرف جيّدا عالَم مرجعيّة التلامذة المسلمين.

في الوقت ذاته وبالتوازي مع ذلك، من الضروري الخروج من الدائرة المغلقة للمصادر الإسلامية والإنفتاح على الخلفية المُوسَّعة للمجال العربي وغير العربي للشرق الأدنى في القرن السابع الذي بدأ فيه الفتح الإسلامي. إذا كنّا نريد أن نُخرِج التلامذة قليلا من الإنغلاق في عالَم مرجَعِيّة ضيّق وأُحادي الجانب، يبدو لي عندئذ من الضروري أن يكون مدرّسوهم قد قاموا هم أنفسهم قبل ذلك بهذه الجولة في الأفق الواسع.

بإمكان تكوينٍ أكثر عمقا في هذين الإتّجاهين المتكاملين أن يُساهم في تقديم القاعدة الفكريّة للتّلاميذ فيما خصّ محمّد وبدايات الإسلام، والتي هي الآن ضرورية لهم أكثر من أيّ وقت مضى.

الهوامش (المصادر وتوضيحات من المترجم):

1- Maxime RODINSON, Mahomet, Seuil, Coll. "Politique", Paris, 1961, p. 12.
2- Maxime RODINSON, "Bilan des études mohammediennes", in Revue historique, CCXXIX, janvier-mars 1963, p. 192.
3- Theodor NÖLDEKE et all. , Geschichte des Qorans, I-III, Leipzig, 1919-1938 
4- ذكر القرآن موسى 136، ونوح 33، وإبراهيم 69، وعيسى 36، ومريم 34. [المترجم]
5- ورد في الحديث أن النبي العربيّ غيّر اسمها من يثرب إلى المدينة، ونهى عن استخدام اسمها القديم فقال: "من قال للمدينة "يثرب" فليستفغر الله عزّ وجلّ، هي طابا، هي طابا"، مسند الإمام أحمد 4/285. ولكن لا ندري هل هذا التغيير المقصود به تسمية جديدة من عند النبيّ أم رجوع إلى التسمية الآرامية القديمة "مادينتا". والأرجح أنّ المقصود بالمدينة هو "مديناه מדינת" العبرية وتعني "الدولة"، مثل كلمة "أُمّة" التي تعني القبيلة. [المترجم]
6- وكما قال المؤرخ هشام جعيّط : "«القاعدة أنّ كلّ ما دُوِّن بعد مائة سنة من الحدث فاقد لثقة المؤرّخ»، في السيرة النبوية : الوحي والقرآن والنبوّة، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الثالثة 2007، ص 94 [المترجم].
7- عقاب الله للنّاس في الدنيا، جاءت به اليهودية وانتقل منها إلى الإسلام. إذ أنّ الديانة اليهودية في البداية، إلى حوالي القرن الثاني قبل الميلاد، لم تكن تؤمن بحياة بعد الموت، "من مات فقد قامت قيامته" كما يقول حديث نبويّ موضوع ولا شكّ [جاء بروايات مختلفة، مثلا عند : أبو جعفر الطبري في تفسيره (29/174)، وابن كثير في البداية والنهاية (1/24)، وأبو نعيم في الحلية (6/267-268)، وابن عساكر في تاريخه (37/214)، والديلمي في مسند الفردوس (1/285/1117)]. لكنّ ابن سينا، كطبيب، استند إليه لإنكار البعث بعد الموت. ومن أجل ذلك أدخله الوالي إلى السجن، فقال مُلمّحا إلى استحالة الحياة بعد الموت بيته الشهير :
دخولي باليقين كما تراه وكلُّ الشّك في أمر الخروج
مُشبّها السجن بالقبر والخروج من السجن كالخروج من القبر. لم تظهر فكرة الحياة بعد الموت إلاّ في الأسفار المنحولة مثل سفر الرؤيا. معظم الديانات الوثنية لم تكن أيضا تؤمن بالحياة بعد الموت، وهي تعطي لله سلطة الثواب والعقاب في الحياة الدنيا. عُبيدة يوسف، حاخام اليهود الشرقيين، اعتَبر أن محرقة هتلر لليهود كانت عقابا إلهيّا لهم عن أسلافهم الذين كانوا رُوّاد العلمانيّة "الكافرة" كما كان يقول هذا المعتوه الذي آخَذ الله عن "خلقه العقارب والعرب". وعلى غراره اعتبر الأصوليون الإسلاميون، وعلى رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي، أنّ كارثةَ تسونامي كانت عقابا من الله سلّطه على السكّان بسبب السياحة الجنسيّة المتفشّية بينهم. ففي الوقت الذي هبّت فيه البشريّة لإغاثة ضحايا كارثة طبيعيّة نسبناها نحن إلى الله شماتة فيهم مُعتبرين إغاثتهم تحدّيا لإرادة الله سبحانه فيهم !!! [المترجم]
8- أنظر :Michael LECKER, Muslims, Jews and Pagans. Studies on Early Islamic Medina, Brill, Leiden, 1995. 
9- Gerard R. HAWTING, The Idea of Idolatry and Emergence of Islam, Cambridge University Press, Cambridge, 1999.
10- "مرحلةٌ جعلت منها السِيَر النبويّة مرحلة مرصودة لظهور علامات النبوة وذلك على غرار شباب المسيح".
11- "لا كرامة لنبـيّ في بلده وبَين ذويه". جاءت هذه العبارة بصيغ مختلفة في إنجيلي لوقا (4 : 25) ومتّى (13 : 57). وقد نسباها للمسيح عند رجوعه للنّاصرة، المدينة التي قضّى فيها طفولته، وقد تعرّض لسخريّة وهزء سكّانها الذين كانوا قد عرفوه طفلا عاديّا، ابن يوسف النجّار، فتعجّبوا لمّا سمعوه يُبشّر، وكذّبوا أن يكون المسيح ابن الله فطردوه من المدينة. "وما صنَعَ هُناكَ كثيرًا مِنَ المُعجِزاتِ لِعَدَمِ إيمانِهِم بهِ"، يُضيف إنجيل متّى. [المترجم]
12- Martin LINGS, Le Prophète Muhammad. Sa vie d'après les sources les plus anciennes, Seuil, Paris, 1986.
13- الذين يتباكون عن إقصاء الإسلام من التعليم في الغرب هم يجهلون عمّا يتحدّثون. [المترجم]
14- المقصود هو أبو لهب. [المترجم]
15- Régis BLACHERE, Le problème de Mahomet, PUF, Paris, 1952, p. 10-11.
16- John WANSBROUGH, The Sectarian Milieu. Content of Islamic Salvation History, Oxford University Press, Oxford, 1977.
17- المكتبات الإسلامية في كبرى مدن فرنسا زاخرة بكتب تعليم الدين الإسلامي التي من المهمّ التعرّف عليها ودراستها.
18- مثلا العالم الفكري الذي يتنزّل فيه عز الدين قلّوز في كتابه الصغير، Le Coran, Flammarion, coll. "Dominos", Paris, 1996. عام 1996،كان الكاتب أستاذا في جامعة باريس I.
19- ما قالته هذه الطالبة المُسلمة لأستاذها دو بريمار يكشف لنا مدا المأساة التي سبّبها تدريس التربية الدينية التقليدية وبطرق تقليدية أيضا تُلغي من عقل الطالب كلّ بُعدٍ علمي يقرأ على ضوئه تاريخه بروح نقديّة. [المترجم]
20- Leone CAETANI, Annali dell'Islam, 10 vol., Milan, 1905-1926.
21- أنظر لمحة عنها في Alfred-Louis de PREMARE, Les fondations de l'Islam, Le Seuil, Paris? 2002, chap. 5.
22- أنظر خاصّة Harald MOTZKI (dir.), The Biography of Muhammad. The Issue of the Sources, Brill, Leiden, 2000,، لا سيّما القسم الثاني.
23- بعد المجمع المسكوني الرابع الذي جمع أساقفة العالم المسيحيين وانعقد في خلقيدونية سنة 451 م، تأسّست الكنائس المسمّاة لاخلقيدونية (السريانية، القبطيّة، الحبشيّة، الأرمنية، وتسمّى اليوم الكنائس الأرثوذكسية الشرقية). سمّيت تلك الكنائس ايضاً "مونوفيزية" Monophysites لأنها اعتقدت بطبيعة واحدة في المسيح (هي الطبيعة الإلهية) وعلى عكس الكنائس "الديوفيزية" Duophysites التي تبعت تعليم المجمع الخلقيدوني القائل بأن في المسيح طبيعتين إلهيّة وبشريّة، "بلا اختلاط، ولا تغيير، ولا انقسام، ولا انفصال"، "تؤلّفان كلتاهما شخصاً واحداً لا مقسوماً ولا مجزوءاً إلى شخصين…". عن موقع الأنترنيت : http://www.abouna.org [المترجم]
24- القدماء والمحدثون الذين زعموا ويزعمون أنّه لا وجود في القرآن لكلمات غير عربيّة عملا بفهمهم الحرفي للآية : "بلسان عربيّ مبين" (الشعراء، آية 195)، يُكذّبهم واقع الكلمات التي جاءت في القرآن وذكرها السيوطي في الإتقان وبوّبها بحسب لغاتها الأصلية المعروفة في ذلك الوقت بما فيها اللغة البربريّة. ونجد مفسّرين كبارا مثل الطبري يُقرّون بوجود كلمات غير عربية في القرآن مثل كلمة "سَرِيّا" الواردة في الآية ""قد جعل ربُّك تحتك سريّا" (مريم، آية 24)، التي فسّرها الطبري قائلا : "سريّا هي كلمة سريانيّة" وتعني النهر أو نبيّ. وقد ذكر أبو بكر الرازي أنّ كثيرا من كلمات القرآن لم تكن معروفة المعنى ولكنّ المفسّرين أعطوها من عندياتهم معانٍ لم تكن لها في الأصل. وهذا يؤّكد ما قاله ألفونس مينغانا عندما ألحّ بأنّه : "علينا أن نلاحظ أنّ المعرفة القاصرة باللّغات السّاميّة إلى جانب العربية غالبا ما تجعل استنتاجات العلماء المسلمين غير جديرة بالإعتماد ومُضلِّلة. وعلى الناقد أن يمارس حرصا كبيرا في التعاطي مع كتاباتهم، وهي بأفضل الحالات ممهّدات تاريخية للموضوع قيد البحث". Alphonse Mingana, "Syriac Influence on The Style of The Kur'an", in Bulletin of The John Rylands Library, Vol. 11, n° 1, 1927, pp. 77-98. (ترجمة مالك مسلماني : "التأثير السرياني على أسلوب القرآن"، المقال موجود على الأنترنيت).
هذا علما بأنّ المعجم القرآني مليء بالعبارات السريانية والعبرية مثل : الطهارة، الصدّيقون، الأخ، الصمد، جهنّم، إله، رحمن، رحيم … إلخ. الكلمات العبرية من هذا القبيل في القرآن تُعدّ بالمئات. يُحسن بالباحثين الذين قد يهتمّون بهذا الموضوع مُراجعة ترجمة أندريه شوراكي André Chouraqui للقرآن الكريم. [المترجم]


* "L'approche historique des figures religieuses : Muhammad"
Alfred-Louis de Prémare
Actes de l'université d'automne de Guebwiller, 27-30 octobre 2003
Religions et modernité

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لاخطاء اللغوية والإملائية في القرآن - جزء 1

أفلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله  لوجدو فيه إختلافا كبيرا - سورة النساء    يعتقد معظم المسلمين أن في القرآن سمات رب...